كشفت دائرة اثار وتراث ذي قار عن بدء الموسم التنقيبي الاول للعام الحالي ، وفيما اشارت الى مشاركة 5 بعثات تنقيبية دولية ضمن الموسم المذكور ، اكدت اكتشاف قصور ومعابد ونحو 1000 قطعة اثرية تعود للحضارة السومرية خلال تنقيبات عام 2021.

وتضم محافظة ذي قار نحو 1200 موقع آثاري يعود معظمها إلى عصر فجر السلالات والحضارات السومرية والأكدية والبابلية والأخمينية والفرثية والساسانية والعصر الإسلامي، وتعد من أغنى المدن العراقية بالمواقع الآثارية المهمة، إذ تضم بيت النبي إبراهيم (ع) وزقورة أور التاريخية، فضلاً عن المقبرة الملكية، وقصر شولكي ومعبد (دب لال ماخ) الذي يُعد أقدم محكمة في التاريخ.

وقال مدير اثار وتراث ذي قار المفتش عامر عبد الرزاق لـ(المدى) ان "مطلع عام 2022 يشهد قدوم 5 بعثات تنقيبية دولية من فرنسا وايطاليا وروسيا وامريكا وبريطانيا للعمل ضمن الموسم التنقيبي الاول الذي يشمل مواقع اثرية متعددة تتوزع على مدن محافظة ذي قار"، مبينا ان "البعثة الفرنسية العاملة في مدينة لارسا وصلت مؤخرا الى محافظة ذي قار للعمل ضمن موسمها الثالث وانها تتكون من فريق عمل يضم 10 منقبين ومهتمين بالاثار".

واسترسل عبد الرزاق "وستصل البعثات الاربعة الاخر خلال الاسبوعين القادمين"، مبينا ان "البعثات الاخرى تضم بعثة بريطانية للتنقيب عن اثار مدينة كرسو السومرية في تل تلو بقضاء النصر وموقع كبيبه في قضاء الرفاعي"، واردف "وبعثة امريكية للتنقيب عن اثار مملكة لكش في موقع تلول الهباه بناحية الدواية".

ومضى مدير اثار وتراث ذي قار "فيما ستستأنف البعثة الايطالية اعمال التنقيب في تل ابو طبيرة جنوب الناصرية ضمن موسمها السادس"، واردف "في حين ستصل البعثة التنقيبية الروسية خلال الشهر الحالي للتنقيب في موقع الدحيلة الاثري في منخفض الصليبيات بناحية البطحاء غرب مدينة الناصرية".

ويرى باحثون في مجال الاثار ان اعمال التنقيب تكتسب اهمية كبرى في توثيق الطبقات الحضارية وتحديد الحقب التاريخية وطبيعة الحياة الاجتماعية والدويلات التي كانت قائمة آنذاك بدقة كبيرة، كما تحافظ على الكنوز واللقى الآثارية من النهب والسرقة ولاسيما ان البلاد تعرضت لأشرس هجمة نهب وسرقة للمتاحف والمواقع الاثرية ابان الفترة التي اعقبت التاسع من نيسان 2003.

وعن الاكتشافات الاثرية المتحققة في المواسم التنقيبية السابقة قال مفتش اثار ذي قار ان "عام 2021 شهد اكتشافات اثرية مهمة من بينها اكتشاف معبد الاينينو واكثر من 930 قطعة اثرية في موقع تلو واكتشاف قصر الملك البابلي ايتسن في مدينة لارسا ومسجد يعود للعصر الاموي في موقع كبيبة"، مشيرا الى ان "اكتشاف المسجد يعد اكتشافا اثريا مهما كونه مسجد يعود للعصور الاسلامية المبكرة ولم تطرأ عليه تغييرات او تحديثات مثل تلك التي حصلت في معظم مساجد البلدان العربية".

مشيرا الى ان "البعثة التنقيبية الامريكية تعمل حاليا على تحديد راس الخليج العربي ومناطق الطوفان التي حدثت في بلاد الرافدين وذلك من خلال عملها في مواقع الهباه واور وان النتائج حاليا قيد الفحص المختبري.

وعن حجم الاعمال التنقيبية المتحققة مقارنة بالأعداد الكبيرة من المواقع الاثرية في محافظة ذي قار التي تضم نحو 1200 موقع اثري قال عبد الرزاق ان "اعمال التنقيب في المواقع الاثرية في محافظة ذي قار على سعتها الا انها لا تشكل سوى 5 بالمئة من المواقع الاثرية وان هناك 95 بالمئة من المواقع الاثرية تنتظر اعمال التنقيب".

لافتا الى ان "البعثات التنقيبية باتت تعمل بموسمين تنقيبيين بعد ان كانت تعمل بموسم واحد وذلك بعد ما لمسته من استقرار وتعاون معها من قبل الجميع"، مبينا ان "الموسم الاول يبدأ من نهاية شباط ويتواصل على مدى شهر ونصف، فيما يبدأ الموسم الثاني من شهر تشرين الاول حتى نهاية العام".

يذكر ان البعثات التنقيبية الدولية تعمل ضمن عقود مبرمة مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار وبعض هذه العقود يمتد لخمسة اعوام.

وعن اهمية اعمال التنقيب للبعثات الدولية قال عبد الرزاق ان "ذي قار هي ارض بكر للمنقبين وتعد عاصمة السومريين وموطن اكبر واقدم المدن الاثرية في العالم"، لافتا الى انها "تضم مدينة لكش واور واريدو والعبيد ولارسا وغيرها من المدن الاثرية التي تعد منطلقا للحضارة الانسانية".

واشار عبد الرزاق الى ان "جميع المتاحف والجامعات العالمية تبدي رغبتها بالعمل في مجال التنقيب في بلاد وادي الرافدين ولاسيما في مدينة الناصرية وذلك لاكتشاف الحياة اليومية في العراق قبل الاف السنين"، لافتا الى ان "ذلك من شأنه ان يغني المكتبة الاثارية والمعرفة بالاكتشافات الاثرية في هذي البلاد التي تعد مهد الحضارة العالمية ومبتكرة الحرف الاول ومنطلق الديانات التوحيدية".

وشهدت محافظة ذي قار خلال الاعوام الاخيرة عمل اكثر من 10 بعثات تنقيبية دولية تتمثل ببعثتين إيطاليتين واحدة تعمل في موقع "أبو طبيرة" الأثري بالناصرية والأخرى في "تل زرغل" في قضاء الدواية وبعثة تنقيبية أميركية تعمل في مدينة أور الأثرية وبعثة فرنسية/ إيطالية مشتركة تعمل في موقع أريدو وبعثة فرنسية تعمل في موقع لارسا وبعثة بريطانية تعمل في موقع تلو في قضاء النصر وأخرى تعمل في "تل خيبر" غرب الناصرية وبعثة أميركية تعمل في موقع هباه في قضاء الدواية وبعثة تنقيبية سلوفاكية تعمل في موقع جوخا شمال الناصرية وبعثة مسح اثري أخرى تعمل في موقع جوخا.

وأعلنت مفتشية آثار ذي قار في (18 كانون الثاني 2021 ) عن تسليم أكثر من 1000 قطعة أثرية الى متحف الناصرية والهيئة العامة للآثار خلال عام 2020، وفيما بينت أن القطع الأثرية هي حصيلة عمل 11 بعثة تنقيبية أجنبية وما عثر عليه المواطنون وشرطة حماية الآثار خلال جولاتهم التفتيشية، أكدت تراجع أعمال النبش والتجاوزات على المواقع الأثرية بعد استحداث أربع مُراقبِيّات للآثار.