الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
الرّمُلُ الباردُ في فالنسيا
السبت 08-06-2024
 
قحطان مندوي

منذُ خمسين عاماً أطرقُ أبوابَ الثلج

انوحُ على خيبات الإسراء

أدلجُ في معصيةِ النشوى

بحثاً عن ظلّي

في قطرةِ دفءٍ من شبحِِِِ الأمسِ

ماذا يهديكَ البحرُ العارمُ هذا والأمواجُ الرّعناء؟

ماذا تهمسُ في العَتمةِ أطيارُ (النيل؟)

حذائي باتَ يوبّخني

بترابِ الطرقاتِ تخطُّ بناطيلي

ليلي يتثاءبُ من أرقِ الترحال

أتذكرُ يا هذا الرملُ الماجنُ

كنتَ تداعبُ خصلاتِ التبر

تمسّدُ عاجَ الأجسادِ الشّبقة

للحسناواتِ الشّقراوات

وحرقت أصابعَ أقدامي وقِفاي؟  

ما بالكَ تسعلُ هذا اليومَ

كالمسلولِ المحموم؟

هل شاخت أيامُك من "روماتيزم" القهر؟

ماذا ظلَّ بهدبَيكَ الغاضبتين

من دفءِ الصيفِ الفائت

غيرُ الرّملِ الباردِ

ودموعُ المنفى وثلوجُ الإقصاء؟

الأربعاء ٢٥-١-٢٠٢٣

فالنسيا- إسبانيا

غربة

راقبتُ فراشات "المتوسط"

دنوتُ أُسامرُ إحداهن

سَخَرَتْ من عُمقِ تجاعيدي

تطلعتُ إلى عاشقةِ الشّمس*

قالت لي: “مَخرَتْ بارجةُ العمر طويلا ببحور الخيبة والخذلان

عُدْ لدروبِ اللاعودة والنسيان"

ناغيتُ النخلةَ، صاحبتي الأزليةَ، في ضِفةِ الكحلاء

صرخَتْ في وجهي: "غبتَ كثيراً عنّا يا قحطان

قطعتَ الأخبارَ، يَئِسْنا منك

مَنْ يرجعُ مِنْ سفرٍ طالَ عقوداً خمسةَ؟"

بعدَ عبوري (دُنيا الأنوار) *

بمشحوفٍ مِن برديِّ الأهوار

نحبتُ دماً ولثمتُ أظافرَ (نوح)

هَمَسْتُ لهُ يا جدّي: يُرهِبني الكاسُ الفارغُ

تُفزِعُني أشواكُ الغربة

يتحدّاني صبرُ الشمعِِ الواهبِ ضحكتَهُ لجناحِ الفجر

مالي طمعٌ في الخُلد

لكنَّ نجومي انطفأتْ وانكسرَ القنديل

اختلَّ الصبرُ، طالَ مسيري

خَذَلَتْني ثِقتي

تحتَ سياطِ التهميش

غَشَتْني الأتراح

أجاب: تعدّتْ إيامُك يا قحطان

فاتَكَ الفُ قطارٍ

وتخطّاكَ زمانُ الأفراح

*عاشقة الشمس: زهرة عباد الشمس

**عالم الأنوار: الجنّة التي يقطنها الصالحون في الميثولوجيا المندائية

١٠:١٥ الجمعة صباحا

٢٤-٣-٢٠٢٣ اليكانته، اسبانيا

إشبيلية

خَمدتْ جذوتي وتَزعزعتْ ثقتي

أعرفُ هذا الزمنَ الأرعنَ ليس رفيقي

المنزلُ ما عادَ يُسامرني

ربّما بعتُهُ بمزادٍ كدار أبي في (السّرّيةِ) أو غادرتُهُ منذُ عقود

وهذا (الكوادا الكبير) لا دجلتي ولا كحلائي١

تخاصمَ شيبي وغلوائي٢

غلبتني الأهوالُ كما هدّيتُ قواها في الماضي

لمّا كان اللهُ صديقي

"ولا غالبَ غيره"

ما بالُ الطرقاتِ الحجرية هذي

تشزرني ساخرةً وتعكّرُ مشيي؟

حذائي الشّهمُ يتذمّرُ فوق أزيزِ الإسفلتِ، دروبِ الحصباء

ما عادَ يساندني

العالمُ مجذوبٌ لا يمنحُ بسمةَ حبٍّ او أملٍ

لا يفتح باباً حانيةً ومضيئةْ

لا لي ولا لِسِواي

أفضي منها لِآس المندحرين

ونارنجِ بساتينِ الخلفاءِ الأمويين

لماذا حماماتُ الزّاجلِ، القدّاحية

من خلتُها آخرَ مَنْ يطردني من مملكة الزيتون

تهربُ مني خائفة؟

أنا المكلومُ التائهُ في ليلِ السّواح

السادرُ بين سِهام البحرِ المتنمّرِ وأريجِ النارنج

لماذا، في هذا الغسقِ الدافئ، الأسطوريّ

بينَ ظبيات (الفلامنكو)

الفاتنات

مَن يرقصنَ لي ولغيري  

ترهبُني الوحدةُ

يوحشني بيتي الأبيضُ في قُطبِ الثلج المعتوه؟

*الكودا الكبير: نهر يمر بقرطبة ويقطع اشبيليه كما يفعل دجلة في بغداد

الغلواء: نزق وسطوة الشباب

٦:٥٥ مساء السبت ١-٤-٢٠٢٣ إشبيلية، اسبانيا

في قرطبة

ريحٌ باردةٌ ورذاذٌ يصفعُ وجهي

يتماهى عطرُ النارنج مع المطرِ الهاطل مذ يومين

شممتُ عبيرَ الآسِ، أريجَ الزيتونِ وعطنَ الغدر

حَمَلتني طرقاتٌ ضيقةٌ حصباء

لدروبِ بلادي الحافيةِ العفراء

ميسانِ الأنهارِ و"سِرّيّةِ" عشقي

أبصرتُ أحبابي وضفافَ الكحلاء

"ولادةَ" في شرفتها تتقرأ عالَمها المتشاعر مِن خلفِ ستارِ الإدمان

يُحيطُ بها النرجسُ واللبلابُ

الطلُّ يزخُ، سمعتُ صداها

"أنا والله أصلحُ للمعالي. هل حقا هذا الواهمُ يعشقني؟"

تخيّلتُ ابنَ زيدونَ واقفاً تحتَ شرفتِها

يأملُ لحظةَ نورٍ من قلبِ الصّوّان

أثار بنفسي شبحُ الماضي شوقَ الدّوح إلى قِمَمِ النخلِ

الأطيارِ لأعشاشِها

والفراشاتِ الإمبراطورية لعفر ولادتها

صعدتُ إلى الأبراج، زرتُ "الزهراء"

أبحث عن ابن أبي عامرَ وحبيبتِهِ صبح*

رأيتُ السلطانَ مسجى للتوديع

قرب المسجدِ العارمِ في قرطبة

قرأتُ اسم "الداخل، عبد الرحمن"

تاريخ المبنى تسعمائة وخمسين وواحد

عرفت صدى جشع الأرذال

وقوله "لا غالبَ الّا الله"

شعرتُ بدمعةِ يأسٍ تسبرُ خدّي

سألتُ لماذا أنحبُ أرضاً عادت لذويها

همستُ يعودُ المطرودُ

لبلادهِ مهما طالَ غيابِ الترحال

*محمد بن ابي عامر. أشهر قادة الأندلس في قرطبة

١:٣٥ مساء الأربعاء

٢٢-٣-٢٠٢٣

حذائي الشهم

ماذا لو ما كان حذائي الشهمُ معي؟

أعبرتُ شوارعَ مدريدِ المكتظةِ بالنحلِ وحورياتِ الزّيتون؟

أقطعتُ دروباً ضيقةً في قرطبة؟

أصعدتُ الأبراجَ أفتشُ عن عبد الرحمن الداخل؟

عن شرفةِ ولاّدةَ

بيتِ ابنِ زيدون؟

أمشيتُ إلى (الحمراء) بغرناطة وتنزّهتُ بحدائقهِ الفارعةِ الغنّاء؟

أتسلقتُ قلعةَ (سانتا بربارا) في اليكانته

وذرعت دروب النارنج

في إشبيلية وفالنسيا دون كللِ او إعياء؟

هل خبطتُ شوارعَ مِصرَ العفراء

وتخطيتُ صخوراً خربة

بدروب الأهرام العاثرةِ العرجاء؟

أامتطيتُ

قربَ الساحلِ والبيداء

في غردقةٍ (موزارت)*؟

أعدوتُ على الرّملِ "بسوسة"؟

وتنزّهتُ في (السّاحة)

بمراكشَ الراقصةِ السّمحاء؟

يَضيقُ برجلي خفّي وأضيقُ به أحيانا

حتّى راحَ يصفّرُ من كثرِ الإعياء

لكنّي من دونهِ كالطفلِ الزاحفِ

الماشي فوقَ الجمرِ

ينهزمُ الخُفُّ، في خاتمةِ التطوافِ، مثلما يندحرُ الانسان

يتثقّبُ من كدحِ العيشِ الحافي وغبارِ الترحال

يهرمُ من ضيقِ الافقِ وجهدِ السيرِ

بدروبٍ عاثرةٍ وجهودٍ مُضنيةٍ في الوديان

جبالِ التهريب، ليالي المحنةِ والأقصاء

وبعد ذاك النبلِ والعناء

نشزرهُ ولا نطيق لونَهُ المصدوعَ بالحصباء

نرميه للقمامة

كأننا أعداء

*موزارت مهرة امتطيتها في غردقة، مصر

اشبيلية، إسبانيا الأحد، ٢:٤٥صباحا، ٢-٤-٢٠٢٣

أمُّ الدنيا                               إلى الشّاعر الراحل أمل دنقل

قادماً من بلادِ الجليد، يتبعُني الكربونُ المُتساقِطُ من أفواهِ السرطان

تنقلتُ في الحافلاتِ القديمة

تجوّلتُ في أسواقٍ مُتربَةٍ ومتاحفَ ملوكِ الفراعنةِ الأحياء

سَمِعتُ اللعنات

تحدّثتُ مع الصبيةِ، الرجالِ المُسنّين والطالبات

اشتقتُ إلى ألحانِ العودِ، فريد، وأمِّ كلثوم، وعبد الوهاب

لحظاتٍ مِن زمنِ النرجس والياقوت، بخورِ الزّفةِ والأفراح

لم اسمع نغماً من نايٍّ أوعُودٍ وكمان

تركتُ الطبلَ يئنُّ على أنقاضِ الماضي والحزنِ القادمِ مِن آياتِ التهديد

ذرعتُ الشوارعَ والخانات

مررتُ بكورنيشِ النيلِ الممنوع

أبحثُ عن فردٍ يفقَهُ وقعَ حذائي

يبسطُ كفَّ الاستحياء

المصريّونَ يحبّونَ السّكرابَ وما عتّقهُ الدهرُ

يتوضَّئون بعفرِ الطرقات

ما سمعوا بأبي الطيب، ما درسوا بيتاً لأبي تمّام وأبي فرات

وبعد نقضِ "الوصايا العشر"

قوّضوا رغَباتِ الفراعنةِ الأحياء

سمعتُ مُواءَ القططِ السائبةِ

نباحَ كلابٍ تأكلُ من جلدةِ جارتِها وتسمّمُ أحلامَ الفجر

رأيتُ قطعانَ الأغنامِ تعْلفُ من قمامةِ الفاقةِ والإملاق

تنصّتُّ

لدموعِِ الجوعى، آهاتِ الفقراء

لم اسمعْ نغماتٍ من نايٍّ، عودٍ، أو ترنيمِ كمان

أمّا طرقاتُ الأهرامِ العرجاء

مُذْ الفينِ ما بسطوا فيها درباً سالكة

أو كنَسوا روثَ الخيل والإبِلِ العفطاء

مِلءَ الرئتين تنشّقتُ الكربونَ الفاحشِ

مخنوقَ الأنفاس

الميثانَ المُتصاعدَ من قلبِ الإسفلت

فتّشتُ طويلاً عن عودٍ، نايٍّ، وكمان

لم اسمعْ غيرَ صراخِِ البؤسِ الأطرش

وثغاءَ الحُكّامِ السادِيّين، الأشباحِِ، العميان

 الغردقة، مصر ٢-٢٤-٢٠٢٣

الخميس ١:٣٠ صباحا

عرباتُ الخيبةِ

حينَ أغادرُ هذا المنفى

لا يفقدُني أو يشقى أحدٌ لغيابي

العالمُ مشغولٌ بجهالتهِ ورعونتهِ

وإراقةِ دمعِ الأطفالْ

العرباتُ تجرُّ الخيبات

تنقلُ ركّاباً عجلينَ لمحطّاتٍ ومطارات

النّاسُ حفاةٌ وعراة

من طيبتِهم ونبالتِهم

يعدونَ ثمالا كالأشباح

بعيونٍ شاخصةٍ في صفحاتِ ال"نت"

هواتفَ تحملُ أضغاثَ الكونِ وأوجاعِه

الحفّارون يخطّون قبوراً للأحياء

لا يصْغون لِهمِّ المسحاة

أو ثقلِ العفر على الأجداث

الفلاّحون يجزّون الأحراشَ ويبتهلون

الطّلاّبُ يغنّون تراتيلَ التّوبةِ

المبغى ما زالَ يعجُّ بروّادِه

الحاناتُ

بزبائِنِها

السّارقُ والسّافلُ والقاتلُ مهووسون

بزواجِ المتعةِ والأفيون

وأنا نقيتُ مساماتي من أدرانِ الحقدِّ

نسجتُ شراعي، أدنو من شباكِ الملكوت

أتآلفُ والسِّعدَ، الهيلَ، ورملَ البيداء

أهيئُ نفسي لوداعِ المنفى القارس

الظالمِ، المتعفّنِ

بالمقتِ وبالغيرةِ والأدران

بلا أسفٍ أو تنهيدةِ حزنٍ

لن يذكرُني أو يفقدُني أحدٌ

في كلِّ الكون

برشلونة، اسبانيا

الخميس، ٢-٨- ٢٠١٨  ١٢:٣٠ صباحا

ماذا لو؟

مَنْ ظلَّ مِنَ الأهلِ وأصحابي يترجّوني زيارةَ بغداد

ماذا لوعدتُ

يتعقبني سيفُ الباطل، أشباحُ رجالِ الغيلةِ والأنغارِ*

هل أعذرُها أم أرجوها العُذرا؟

هل خلّفَ سوطُ البطش بأوردتي نأمةَ عطفٍ

استرُ فيها عوراتِ القهرِ وخيباتِ النفيِّ؟

أأرثي موتاي أم أبحثُ عمّن ينعيني؟

كيفَ أعيدُ الدّفءَ إلى موقدِ عمرٍ ضاعَ سرابا

وثلوجُِ الغُبنِ لحافي؟

أخليلانٌ نحنُ نسيا بعضَهما؟

أم نِدّانِ يتيمان في دربِ الأحقاد؟

بعد يقيني من فشلِ الحبِّ العذريِّ

وسقوطِ العفّةِ والنبلِ

ابصرتُ تلذّذَ إنسانِ الغدرِ بنزف أخيه

ليسَ ببغدادَ طموحي أو سَكني

قوْمي هلكوا جوراً وتلاشوا كآلِ ثمودِ

لا يكترثونَ بأوهامِ السلطةِ والملحِ القادم من وكرِ الغربان بشيراز

هل تذكر يا جوعي في "فيحاء" القيظ الجائر؟

صفعتك المشحونة بالجبن؟

من يمنحني ذرةَ ودٍّ دون حزازاتٍ أو منّة؟

هل يحضنني النخلُ وترقصُ لي أشجارُ اليوكالبتوس

من قوّضها الجدب وكفّنها بطشُ الدجّال؟

ماذا لو انكرني دجلةُ مذ شاخَ به القيحُ وأفسَدَهُ الميثان؟

أيصيخُ لِشِعري وندائي؟

هل تُستجدى الأوطانُ؟

ماذا، والحالة هذي، لا أقوى لدموعِ العودةِ وعذابِ التوديع؟

أو جاءَ الدهرُ بمعجزةٍ ونفقتُ هناك على ضفةِ الكحلاء؟

هل يدفنني من ظلَّ من القوم بميسانَ بمقبرةِ الملحِ؟

ام يشحنني الأرذالُ مع الأمتعةِ، والتمرِ الحائل

المخلوطِ برمل الإقصاء*

كي أُدفنَ في المنفى

تحتَ تلالِ الثلج؟

*الأنغار: الأحقاد

١٠:٥٠ صباحا

الأحد ٥-٢-٢٠٢٣ الغردقة، مصر

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
منظمة حقوقية تتهم العراق بتنفيذ إعدامات "غير قانونية" بناء على "محاكمات جائرة"
هجوم "الطوز" يكشف وجود تمويل ومصانع عبوات لـ"داعش"
"قضية بقاء للعراق".. الأمم المتحدة تؤشر لأهمية المناخ بحياة العراقيين
بينهم أجنبية.. الإعدام لـ3 من "تجار المخدرات" في العراق
‎ بابا الفاتيكان يدعو للتحقيق مع إسرائيل .. بتهمة "الإبادة الجماعية"
الخوفُ من صعودِ السودانيِّ.. أزمات تُلاحق رئيس الوزراءِ من "التسريباتِ" إلى "قانونِ الانتخاباتِ"
"حدباء الموصل" .. تنفض غبار دمار داعش
خمسة أحداث مهمة في الأسبوع الأول لترامب كرئيس منتخب
صوت بغداد" يصدح في "كولبنكيان".. خليط من الشعر والموسيقى والرسم
العنف الأسري في العراق... "ارتفاع في المعدلات" وسط غياب القانون الخاص بمناهضته
ماذا تكشف تعيينات ترامب عن خططه تجاه الشرق الأوسط؟
وجّه بشأنها السوداني.. لماذا مباراة العراق والأردن "مهمة"؟
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة