في لقاء مع موقع، ذي بيلر The PILLAR، الأميركي لأخبار الكنيسة الكاثوليكية كشف مطران الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في أربيل، القس بشار وردة، انه بعد عشر سنوات من اجتياح تنظيم داعش لمناطق سهل نينوى وبسبب النزوح وظروف أمنية واقتصادية صعبة، فقد العراق ما يقارب من ثلثي تعداد المسيحيين في البلد، مشيرا الى ان الكنيسة تحاول تشجيع الآخرين على البقاء في ارضهم وعدم المغادرة من خلال توفير فرص عمل وتحسين وضعهم المعيشي.
ويقول المطران وردة ان الظروف التي مرت بالمسيحيين اثناء اجتياح داعش للموصل ومن ثم سهل نينوى كانت ظروفا مروعة مليئة بالقلق وكثير من العوائل نزحت الى إقليم كردستان دون ان تحمل شيئا معها حيث وجدت ملاذا في كنائس واضرحة ومدارس ومراكز، وكان يتملكهم الخوف والحزن، مشيرا الى انها كانت تجربة صادمة ليس بالنسبة للكنيسة فقط بل بالنسبة لهم أيضا.
ويقول مطران كنيسة أربيل إن رد الفعل كان سريعا بجهد جماعي لمواجهة حملة الإبادة هذه وتوفير خدمات إغاثة للنازحين من مسكن وطعام وملجأ وتم التمكن من تجاوز تلك المرحلة الصعبة. اما الان، يشير المطران وردة في حديثه، فإن منطقة الشرق الأوسط جميعها في حالة هيجان تتخللها مزيد من الأزمات ومزيد من الصراعات، مع استمرار الحرب في غزة وزحفت الى جنوبي لبنان مؤخرا، حيث مزيد من الصعوبات والتحديات، وكثرة النازحين. ويقول إن الشعور بالافتقار الى الامن وتوسع الحرب لتصل الينا في العراق أيضا ما يزال يحوم حول المنطقة.
ويمضي المطران وردة بقوله "عندما لا يكون هناك أمن لا يكون هناك استثمار والقطاع الخاص يبقى ضعيف وهذا يؤدي الى البطالة التي تلقي بظلالها على الكثير من أبناء البلد، ولكن كوننا أبناء اقلية فنحن نشعر بجميع هذه المصاعب كثقل علينا. لقد فقدنا ثلثي التواجد المسيحي في البلد بسبب هذه التحديات والمصاعب". وبشكل عام، يقول المطران وردة، قبل خمسين عاما كان المسيحيون يشكلون نسبة 20% من تعداد سكان الشرق الأوسط، أما اليوم فإن نسبتهم اقل من 4%. أما ما يتعلق بتعداد المسيحيين في العراق، فانه في العام 2003 كان تعدادهم أكثر من مليون نسمة وتقلص اليوم الى 250 ألف نسمة وربما حتى أقل من هذا العدد.
ويقول وردة ان حكومة إقليم كردستان رحبت باستقبال النازحين المسيحيين وكانت سياستها تشجع على روح التعايش ومساعدتهم في تجاوز أزمتهم، مشيرا الى انه في العام 2003 كان هناك ما يقارب من ألفين عائلة في أربيل وخصوصا في منطقة عين كاوة. أما اليوم فان هذا العدد ازداد الى 8 آلاف عائلة مسيحية، وهو أكبر تجمع للمسيحيين في الشرق الأوسط، وهذا العدد يظهر بأن الأوضاع مختلفة الان بالنسبة للمسيحيين.
ويقول انه على سبيل المثال توجد الان في أربيل أربع مدارس شيدتها الكنيسة وجميعها تم تأسيسها بعد العام 2010 مع مستشفى، بالإضافة الى إنشاء جامعة كاثوليكية تضم طلابا مسيحيين ومسلمين ومن جنسيات مختلفة أيضا. "هذا يظهر لنا بان حياة المسيحيين تغيرت للأحسن وإن صفحات المصاعب من تاريخنا قد تم طيّها". وما يتعلق بخيار الهجرة الذي قررت كثير من العوائل اللجوء اليه، أشار المطران وردة الى ان كثيرا من أصحاب المهارات والكفاءات يقدمون الان خدماتهم في المهجر، في حين من بقي الان من أبناء الطائفة المسيحية هم الذين يسعون لتحسين وضعهم الاجتماعي والذين تتركز اهتماماتهم على تعزيز حياتهم اليومية.
ويضيف المطراق قائلا “لهذا السبب، فنحن ككنيسة، نركز على تطوير الجانب التعليمي للشباب وانشطتهم، لان القوة مستمدة من الوعي والتعلم وهذا ما نريد تحقيقه لهم، مجتمعنا المسيحي بحاجة لمزيد من التعليم والثقافة وتطوير المهارات. لدينا محطة راديو وإذاعة كوسيلة للتثقيف والتعليم".
ويقول المطران وردة ان أسباب خيار الشباب من المسيحيين للهجرة هو عدم توفر فرص عمل وخوفهم من المستقبل ومن المصاعب الاقتصادية قد تواجههم، وفي الوقت الذي لا استطيع منعهم لان هذا من حقهم للبحث عن حياة مستقرة افضل، فاني أقول لهم انه يتوجب عليهم ان يكونوا حذرين من ان يتم استغلالهم من قبل مهربين، وفي بعض الأحيان نستطيع ان نساعدهم في البحث عن وظيفة وفرصة عمل للعدول عن هذا الخيار وأقول لهم ان يفكروا مرتين قبل اتخاذ خيار المغادرة والهجرة.. ومن خلال مدارسنا ومستشفياتنا ومنظماتنا غير الحكومية ومحطتنا الاذاعية نستطيع توفير ما يزيد على 830 وظيفة وفرصة عمل، وهي مساهمة من الكنيسة ودعم جهات مانحة لتقديم حلول لهذه المسألة.
وما يتعلق بالوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط وتطلع المسيحيين لمستقبلهم في العراق، يقول المطران وردة انه يأمل ان تتوقف الحرب في غزة ولبنان ووضع حد للعنف الذي يتعرضون له على نحو دائم وليس مؤقت، وبخصوص مسيحيي العراق يأمل ان يتم العمل سوية مع جميع قادة الكنائس في البلد من أجل ازدهار الطائفة المسيحية في العراق في وقت يصف فيه العراقيون أبناء الطائفة المسيحية بأنهم ملح الأرض ومكون مهم من مكونات نسيج مجتمع الشعب العراقي.