حرص الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على تهنئة الفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز بمناسبة عيد ميلادها الـ90، وهو الأمر الذي يؤكد إدراك الرئيس الفرنسي أن السيدة فيروز تجسد الوجه الفني والثقافي الناعم للبنان والمنطقة العربية، كما أن هذه اللافتة أتت تعبيراً عن الاحترام العالمي الذي تحظى به، وكذلك تقديراً لمكانة لبنان في شخص فيروز.
فيروز صاحبة تاريخ فني واجتماعي وثقافي حافل، فهي الفنانة التي استقبلها الملوك في المطارات، وقبل يديها الرؤساء، مما يؤشر إلى أنها أيقونة فنية وثقافية تحظى بمكانة خاصة عربياً وشرق وعالمياً.
ماكرون كتب باللغتين العربية والفرنسية عبر حساباته بمنصات التواصل الإجتماعي :"عم بتشتي الدنيا ثلج، صوت فيروز لا يزال يطيب قلوب اللبنانيين والفلسطينيين الباحثين على دفئ السلام، التى تجسد كرامة هذه المنطقة، عقبال المية!".
واحتفلت فيروز الأربعاء بعيد ميلادها الـ90، إذ ولدت يوم 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 1934 طبقا لسجلات القيد، وكانت النجمة الكبيرة الملقبة بـ"جارة القمر" قد قدمت العديد من الأغانى التي تحولت لأيقونات للحب والسلام على مدار عقود كاملة.
وسبق أن التقى معها ماكرون، وأشارت التقارير حينها إلى أنك حينما لا تتمكن من جمع الفرقاء في لبنان، فإن هناك سيدة تمثل الوحدة اللبنانية، وهي السيدة فيروز.
ظاهرة فنية عمرها 77 عاماً
تبلغ فيروز اليوم 90 عاماً، وعمرها الفني يقترب من 77 عاماً، أي منذ اكتشاف موهبتها، في حقبة الأربعينيات من القرن الماضي.
فيروز هي نُهاد وديع حداد (مواليد 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 193، والمعروفة بالاسم الفني فَيروز، مطربة ومغنية وممثلة لبنانية. تعد من أقدم فنّاني العالم ومن الجيل الذهبي للمسرح والموسيقى في لبنان ومن أشهر الأصوات العربية، لاقت أعمالهُا الفنية رواجًا واسعًا في العالم العربي والغربي، لقبت في لبنان بـ (العمود السابع لبعلبك)، كما لقبت بـ"جارة القمر".
ولدت في قضاء الشوف بجبل لبنان، وفقاً لـ"ويكيبيديا" وكانت الطفلة الأولى للعائلة، نشأت في حارة زقاق البلاط في الحي القديم القريب من العاصمة اللبنانية بيروت، عمل والدها في مطبعة الجريدة اللبنانية لوريون لوجور، أما والدتها فتوفيت عام 1961 في نفس اليوم الذي سجلت فيه فيرُوز أغنية (يا جارة الوادي) وكان عمرها لا يتجاوز 45 عامًا.
الاكتشاف المبكر لموهبتها
أحبت الغناء منذ صغرها وأظهرت ميولًا فنية في عمر مبكر، وفي إحدى الحفلات المدرسية عام 1947 التقى محمد فليفل بالطفلة «نهاد حداد» وكان عمرها آنذاك 14 وأعجب جدًا بصوتها، وكانت انطلاقتها.
نجحت أمام لجنة فحص الأصوات المؤلفة من حليم الرومي ونقولا المني وخالد أبو النصر. كانت النقلة الكبيرة لها عندما قدم لها حليم الرومي (الذي أطلق عليها اسم فَيروز) ألحانًا لأول أغانيها لقت صدىً واسعًا في الإذاعات العربية تلك الفترة مثل أغنية (يا حمام يا مروح) وأغنية (بحبك مهما أشوف منك) عام 1952.
الحقبة الرحبانية
تعرفت فيروز في بداية الخمسينيات على الأخوين رحباني اللذين بدأت معهما مشوار طويل ومثمر من التعاون الفني تمثل في المئات من الأغاني والعديد من المسرحيات الغنائية التي وصل عددها إلى 800 أغنية وثلاثة أفلام وأربعمائة ألبوم خلال فترة زمنية امتدت لثلاثة عقود وأبدعت في الموشحات الأندلسية والمواويل والعتابات.
سطع نجم فيروز ومعها الأخوان رحباني بعد مشاركتهم في مهرجان بعلبك لأول مرة عام 1957، وتوالت بعدها المهرجانات من بعلبك إلى دمشق إلى مسرح البيكاديلي.
قدمت فيروز المئات من الأغاني التي تميزت بقصر المدة الزمنية والتصاقها بقوة المضمون، وغنت للحب وللأطفال وللوطنية وللحزن والفرح والأم والوطن، قدمت هذه الأغاني ضمن عدد من المسرحيات التي ألفها ولحنها الأخوان رحباني تنوعت مواضيعها بين النقد السياسي والاجتماعي وتمجيد الشعب والبطولة والتاريخ العريق والحب على تنوعه.
تعاونت فيروز مع عدد من الملحنين مثل فيلمون وهبي ومحمد عبد الوهاب وإلياس الرحباني ومحمد محسن وزكي ناصيف. تأثيرها الكبير على الشعوب وعلى الموسيقا العربية المعاصرة أكسبها لقب (السفيرة إلى النجوم) و (جارة القمر).
الحسن الثاني استقبلها في المطار
غنت فيروز للحب والحياة البسيطة ولوطنها لبنان والقضية الفلسطينية، وأحيت العديد من الحفلات في العديد من المدن العربية والعالمية، وبمناسبة أحد عروضها في المغرب، استقبلها الملك الحسن الثاني ملك المغرب شخصيًا في المطار.
مُنحت في كثير من الأحيان مفاتيح المدن التي كانت تؤدي فيها. خلال حفلتها الموسيقية في لاس فيغاس عام 1999، أعلن عمدة المدينة رسميًا يوم 15 أيار (مايو) 1999 (يوم فيروز).
توقف زوجها عاصي الرحباني عن التلحين واعتزل العمل الفني بعد مرضه وهو الذي رافقها في مسيرتها الغنائية منذ بدايتها، ثم حدث الانفصال بين الأخوان الرحباني وفيروز بعد مسيرة عمل مشتركة امتدت لعقود.
الحياة بدون الرحبانية بداية من 1980
أطلقت فيروز أول البوم غنائي لها دون الأخوين رحباني عام 1980 وكان بعنوان (دهب أيلول)، وأكملت مسيرتها الفنية مع ابنها زياد الرحباني وأصدرا معًا 6 ألبومات كان أخرها (ببالي) في عام 2017، وتعاونت أيضًا مع ابنتها ريما في أعمال غنائية أخرى وأفلام وثائقية.
الحسين بن طلال يكرمها
حصلت فيروز على وسام الشرف عام 1963 والميدالية الذهبية عام 1975 من ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال.
كرمها أيضًا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأرفع وسام فرنسي (وسام جوقة الشرف الفرنسي) عندما زار منزلها عام 2020.
نالت فيروز إعجاب رؤساء فرنسيين آخرين فقد منحها الرئيس فرانسوا ميتران وسام قائد الفنون والآداب عام 1988 ومنحها الرئيس جاك شيراك وسام فارس جوقة الشرف في عام 1998.
في عام 2015 تحول منزل فيروز الذي نشأت وترعرعت فيه إلى متحف، وتأتي تلك الخطوة بعد سنوات من إدراج المبنى إلى لائحة الجرد العام للأبنية التراثية.