في أيام حاسمة، تحاول بغداد تجنّب "عقوبات" سياسية وربما اقتصادية أيضًا قد تطال البلاد بسبب العلاقة مع إيران. ومن المفترض أن يزور محمد شياع السوداني، رئيس الحكومة، طهران خلال اليومين المقبلين، فيما سيكون "ملف الفصائل" على رأس الأولويات. وعلى الرغم من أن الفصائل العراقية توقفت تمامًا منذ أكثر من شهر عن أي نشاط مسلح، إلا أن المطالب الغربية تبدو أكبر من مجرد وقف النشاط.
وتفيد تحليلات بأن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي المنتخب، قد يتخذ خطوات تصعيدية ضد بغداد، بمجرد تسلّمه السلطة في الـ20 من الشهر الحالي.
وقال عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، الأسبوع الماضي، إن معلومات وصلتهم من ترامب تتعلق بـ"مواقف ضد الفصائل وقوى الإطار التنسيقي التي تملك فصائل".
وخلال الأسبوعين المتبقيين قبل استلام ترامب للرئاسة الأمريكية، ستكثّف بغداد الحوارات بشأن تجنّب أي تصعيد متوقع، بحسب ما يقوله مقرّبون من التحالف الشيعي.
وفي بغداد، أعلن رسميًا أن محمد شياع السوداني سيقوم بزيارة إلى الجمهورية الإيرانية غدًا الأربعاء.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان يوم الأحد الماضي، أن "رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، يعتزم القيام بزيارة رسمية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية يوم الأربعاء المقبل، الموافق 8 كانون الثاني 2025".
وأضاف البيان أن "الزيارة ستتضمن بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، وذلك في ضوء ما تحقق خلال زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى بغداد في شهر أيلول من العام الماضي، فضلًا عن التطورات التي تشهدها المنطقة".
وكانت الزيارة إلى طهران قد تأجلت لنحو أسبوع لأسباب غير معروفة، فيما تسرّبت أنباء عن وصول إسماعيل قاآني، قائد الحرس الثوري الإيراني، إلى بغداد وعقده لقاءات مع عدد من قوى الإطار التنسيقي، ربما تتعلق بما سيبحثه السوداني في الجمهورية الإسلامية.
وبحسب مقربين من "الإطار التنسيقي"، فان الزيارة ستناقش قضية "الفصائل" والغاز الإيراني.
التغيير..
الجميع في العراق، بعد التطورات الأخيرة في سوريا، يتحدث عن "التغيير"، لكن لا يبدو أن أحدًا يعرف بالتحديد كيف سيكون شكل التغيير.
ذكّر مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، في الأوضاع المقلقة التي تمر بها البلاد، بضرورة "حصر السلاح" بيد الدولة، وهو موقف كان قد عبّر عنه في وقت سابق المرجع الأعلى علي السيستاني. الصدر، الذي يتجنب منذ أكثر من عامين الخوض في السياسة، قال أمس في تغريدة بمناسبة عيد الجيش: "لا وألف لا للسلاح المنفلت والمجاميع المنفلتة".
ويُعتقد، كما يدور في كواليس السياسة، أن السيطرة على الفصائل قد تكون مفتاح الحل للازمة مع الولايات المتحدة واسرائيل.
وأكد السوداني أن حكومته استطاعت تجنيب العراق أنْ "يكونَ ضمنَ حزام النار الذي كان يُراد له أنْ يتسع أبعد من حدود غزة ولبنان".
وشدد رئيس الحكومة، في حفل بالذكرى الخامسة لمقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، والجنرال الإيراني قاسم سليماني، على أن العراق في "أتم الجهوزية والاستعداد لرد وردع أي اعتداء مهما كان مصدره".
كما كان السوداني قد رفض، قبل ذلك بيوم واحد، أن تفرض أي جهة "تغييرًا سياسيًا أو اقتصاديًا" على العراق.
لكن هذا الكلام يتناقض مع ما قاله محمود المشهداني، رئيس البرلمان السابق، الذي طالب بـ"تغيير سياسي شامل".
وانتقد المشهداني، في حفل استذكار مقتل المهندس، تجاهل القوى الشيعية وثيقة اتفاق أبرمت في 2018 مع السُنة، وقال إنها كانت الحل "لما نحاول الآن أن نتلافى خطره علينا".
ودعا السُنة، منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد نهاية العام الماضي، إلى إجراءات إصلاحات داخلية، وطالب المشهداني بـ"مراجعة الدستور".
أما الحكيم فيعتقد، بحسب كلامه الأخير في جلسة حوارية بالنجف الأسبوع الماضي، أن التغيير سيكون "استهدافًا للفصائل" وليس القوى السياسية، بل فقط تلك التي تملك فصائل.
وعلى هذا الأساس، يقول مقرّبون من "الإطار"، إن التحالف الشيعي قد يقبل بـ"إعادة النظر بهيكلة الحشد"، وهو قرار ترفضه الفصائل، الا انه ربما يكون "أهون الشرين" ويجنب عقوبات عسكرية او اقتصادية تتعلق بدفعات الدولار.
ويرى بهاء الأعرجي، وهو نائب رئيس الوزراء السابق، أن "أغلب قادة الإطار التنسيقي مع حل الفصائل، لكنهم لا يستطيعون إعلان ذلك بشكل صريح".
الأعرجي تحدى، في تصريحات صحفية سابقة، التحالف الشيعي بإصدار بيان يرفض "حل الفصائل".
وحتى الآن لم تصرّح أي جهة شيعية بإمكانية مناقشة "دمج الفصائل"، على الرغم من أنه قد يكون ليس ما تريده الدول الغربية أو ترامب، حيث تدور نقاشات في الأوساط السياسية عن "تفكيك الحشد بشكل نهائي".
وعملًا بمبدأ "أهون الشرين"، توقفت الفصائل منذ أواخر تشرين الثاني الماضي عن أي نشاط عسكري في المنطقة. كما اختفى أو قلل زعماء تلك الفصائل من الظهور العلني، أبرزهم؛ قيس الخزعلي (زعيم العصائب)، وأبو آلاء الولائي (سيد الشهداء) وآخرون.
كذلك تسربت معلومات عن انسحاب الفصائل من مواقع حيوية في الحدود عند منطقة القائم، ومن جرف الصخر، المدينة الأكثر غموضًا في العراق منذ 10 سنوات. ويصر الحشد الشعبي، وسط تلك الظروف، على أنه "قوة داخلية" تتبع بشكل مباشر أوامر القائد العام للقوات المسلحة.
ويقول رئيس الحشد، فالح الفياض، في حفل استذكار المهندس، إن الحشد الشعبي "دافع عن العراق ضمن حدوده الجغرافية، وهذه حقيقة واضحة".