ذكر موقع "الصليب الدولية" المسيحي، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجميد المساعدات الأمريكية لمدة 90 يوما، أثار صدمة وتسبب بتوقف شبه كامل للعمليات الإنسانية، بما فيها العراق، حيث تحول مركز الخدمة النفسية الاجتماعية التابع لـ"خدمة اللاجئين اليسوعية" في شاريا بإقليم كوردستان، والذي كان في الماضي بمثابة شريان حياة حيوي، إلى مكان فارغ من الموظفين والمستفيدين.
وأوضح الموقع المسيحي في تقرير، ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "شوارع شاريا التي يقطنها جزء من المكون الإيزيدي في إقليم كوردستان، لم تكن فارغة بهذا القدر من قبل".
ونقل التقرير عن المسؤولة في المركز هويدا، التي بدت منهكة، أن "الناس لم يعودوا يأتون لأنهم يدركون ما الذي حدث".
ولفت التقرير إلى أن "المركز من الداخل يبدو شبه مهجور، ونصف الموظفين رحلوا"، وبحسب هويدا التي كانت تسير بين المكاتب الخالية، "فقد كان لدينا 3 سائقين ولم يبق إلا واحدا، ومحاسب واحد بدلا من اثنين، وأجبرنا على الاستغناء عن السكرتارية والأخصائيين الاجتماعيين".
وأوضح التقرير أن "تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)التي كانت تغطي 75 % من ميزانية المركز، جرى تجميدها لمدة 90 يوما، وذلك بقرار من إدارة ترامب، ما فرض آثاره الفورية والمدمرة".
ونقل التقرير عن مدير المركز في العراق الأب اليسوعي أنطوان بومار، قوله إنه "فوجئنا بحدة القرار جميعا، حيث انه من غير المعتاد أن يوقف المانح تمويلا لمهمة كهذه، وكان يتحتم علينا أن نتحمل الصدمة وأن نفكر بسرعة في كيفية الاستمرار بنشاط المركز".
وأشار التقرير، إلى أن "أولويات المركز كانت واضحة وتتضمن التعليم والصحة النفسية"، مضيفا أن "المركز يؤمن هذه الخدمات إلى الإيزيديين، وهم من أكثر المكونات تعرضا للاضطهاد في العراق، حيث انه بعد مرور عقد على حملة الإبادة التي شنها تنظيم داعش، لا يزال العديد منهم يعيشون في مخيمات اللاجئين، ويعانون من صدمات نفسية حادة".
ونقل التقرير عن الطبيبة دارين، التي تقلصت ساعات خدمتها في المركز إلى النصف تقريبا، قولها "أننا نقدم الرعاية لأكثر من 400 شخص، غالبيتهم تحتاج إلى علاج طبي، وليس بإمكاننا وقف العلاج والأدوية فجأة، فهذا أمر خطير"، مضيفة أن "أكثر من 30 من مرضانا معرضون لخطر الانتحار".
وتابع التقرير، أن "سيدة إيزيدية كانت تتحدث في غرفة خاصة في الطابق العلوي من المركز، وهي تبكي قائلة "أعيش من جديد المجازر التي ارتكبها تنظيم داعش بحقنا كقطع الرؤوس والتعذيب، وكل هذا لا يزال في ذهني"، مضيفة أنها "حاولت شنق نفسها 10 مرات، وكادت أن تنجح، ولديها ندوب".
وتابع التقرير، أن، السيدة الإيزيدية نزعت بحركة سريعة وشاحها، لتكشف عن علامات حول حلقها، وهي تقول "هذا المركز هو السبب الوحيد الذي يجعلني على قيد الحياة، ومن دونهم، سأكون ميتة، لن اتمكن من الحصول على الدواء والرعاية".
ولفت التقرير إلى أن "هذه السيدة تعيش على أقل من 45 دولارا في الشهر، وهي معيلة لأسرة مكونة من 6 أفراد، من بينهم 4 أطفال".
ونقل التقرير عن الأب بومار قوله، إنه "بعد أيام من إعلان ترامب، حلمت حلما حيث كنت راكعا على الحصى، والمسدس مصوب إلى رأسي، وكان الانتظار والغموض، لا يمكن تحملهما".
وبعدما أشار التقرير، إلى أنه، من غير المعروف الى متى سيستمر التجميد المعونات الامريكية وما إذا كانت لأيام أو لشهور، برغم أن كل يوم مهم، نقل التقرير عن الاب بومار المتحسر قوله، انه يتمسك بايمانه بالله، وأن يساعد ذلك الأشخاص الذين يخدمهم المركز، قائلا إنه "في آلام المسيح، الكلمة الأخيرة ليست للوحشية".
وختم التقرير، بالإشارة إلى أن سيدة إيزيدية بينما كانت تغادر للعودة إلى خيمتها في المخيم، تنادي طلبا من المساعدة وهي تقول "إذا أغلقتم ابوابكم، فلن يكون هناك باب آخر مفتوح لنا".