هل يمكن أن تتحول تسمية خليج إلى أزمة سياسية؟ هذا بالضبط ما يحدث الآن في البيت الأبيض. الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرر معاقبة وكالة "أسوشييتد برس" بعد رفضها تبني التسمية الجديدة لـ"خليج المكسيك"، التي فرضها ترامب تحت اسم "خليج أميركا".
النتيجة؟ الوكالة مُنعت من دخول المكتب البيضاوي، وتم استبعاد مراسليها من التغطية الإعلامية على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان". خطوة غير مسبوقة أشعلت مواجهة بين إدارة ترامب ووسائل الإعلام الأميركية.
البيت الأبيض: "لا امتيازات لمن يعارض قرارات الرئيس"
إدارة ترامب لم تتراجع، بل ضاعفت موقفها. نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، تايلور بودوفيتش، دافع عن القرار بلهجة حاسمة:
"أسوشييتد برس ترفض الاعتراف بالتغيير الجغرافي القانوني. إذا كان التعديل الأول في الدستور الأميركي يحمي حقهم في نشر تقاريرهم، فإنه لا يضمن لهم امتياز الوصول بلا قيد إلى مرافق مثل المكتب البيضاوي وطائرة الرئاسة".
المشهد كان واضحًا للجميع. مقاعد الوكالة المعتادة على طائرة "إير فورس وان" بدت فارغة، والصحافيون الذين اعتادوا مرافقة الرئيس الأميركي وجدوا أنفسهم خارج التغطية.
الوكالة ترد
لكن "أسوشييتد برس" لم تبقَ صامتة. المتحدثة باسم الوكالة، لورين إيستون، أصدرت بيانًا رسميًا جاء فيه:
"تقييد تغطيتنا بسبب اختيارنا لمصطلح جغرافي هو خطوة خطيرة تمس حرية الصحافة، التي تُعد ركيزة أساسية في الديمقراطية الأميركية".
صحيفة "واشنطن بوست" سارعت أيضًا للتعليق، قائلة إن القرار "يعكس توجهًا مقلقًا في تعامل البيت الأبيض مع الإعلام"، مشيرة إلى أن حرمان وكالة بهذا الحجم من التغطية قد يكون له تأثير أوسع على استقلالية الإعلام الأميركي.
قضية اسم أم معركة أوسع؟
الجدل لم يعد محصورًا في تسمية خليج، بل أصبح جزءًا من علاقة ترامب المتوترة مع الصحافة. مذكرة تحريرية داخلية في "أسوشييتد برس" كشفت أن الوكالة ستستمر بالإشارة إلى الخليج باسمه الأصلي "خليج المكسيك"، مع ذكر الاسم الجديد الذي أقره ترامب عند الضرورة.
كما أوضحت أن المرسوم الرئاسي "له سلطة داخل الولايات المتحدة فقط، ولم تعترف به أي دولة أخرى، بما في ذلك المكسيك والمنظمات الدولية".
عملاق إعلامي في مواجهة السلطة
"أسوشييتد برس" ليست مجرد وسيلة إعلامية عادية. هي واحدة من أكبر وأقدم وكالات الأنباء في العالم، تأسست عام 1846 وتنتج تقارير إخبارية يعتمد عليها الملايين يوميًا.
تمتلك الوكالة أكثر من 250 مكتبًا في 99 دولة، ويعمل لديها أكثر من 3,000 صحافي ومصور. في عام 2023 وحده، نشرت أكثر من 375 ألف تقرير، و1.24 مليون صورة، و80 ألف مقطع فيديو. كما حصلت على 56 جائزة "بوليتزر"، وهي واحدة من أرفع الجوائز الصحافية في الولايات المتحدة.
على مدار تاريخها، دخلت الوكالة في صراعات مع حكومات متعددة، لكنها لم تتعرض لمثل هذا الاستبعاد المباشر من البيت الأبيض. القرار الحالي يضعها في مواجهة مباشرة مع إدارة ترامب، في وقت تشهد فيه العلاقة بين الرئاسة والصحافة توترًا غير مسبوق.
وسط تصاعد الجدل، خرج مسؤول رفيع في البيت الأبيض – رفض الكشف عن هويته – بتصريح مثير:
"لن نسمح لأي وسيلة إعلامية بتجاهل قرارات الرئيس. من لا يحترم سياسات الدولة، عليه أن يتحمل العواقب".