نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن نشطاء إيزيديين وعمال إغاثة سابقين يعملون في برنامج المساعدات الأميركية الخارجية USAID عن استيائهم وامتعاضهم لإيقاف الوكالة تمويلها لبرامج مساعدات مخصصة لإعانة متضررين من أقليات دينية في سهل نينوى من إيزيديين ومسيحيين، فيما أشارت الى ان 50% من عمال إغاثة جمعية خيرية في المنطقة تم تسريحهم وغلق معظم برامج المساعدة فيها مما ولد ذلك شعورا لدى أبناء الأقليات بأن الولايات المتحدة قد تخلت عنهم وخذلتهم بعد 10 سنوات من حملة الابادة الجماعية.
وتشير صحيفة الغارديان في تقريرها الى انه خلال الدورة الرئاسية الأولى لترامب، كان نائبه مايك بينس قد تعهد بقديم مئات الملايين من الدولارات لمساعدة مسيحيين وأقليات دينية أخرى من الذين تعرضوا لجرائم إبادة جماعية من الإيزيديين وذلك عبر برنامج وكالة المساعدات الأميركية USAID ووزارة الخارجية الأميركية. ولكن في الدورة الرئاسية الثانية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن نفس الأشخاص الذين نادوا بحقوق الأقليات الدينية قد لزموا جانب الصمت الان أو ساهموا بتدمير برنامج وكالة المساعدات الاميركية من خلال قطع مساعدات حيوية لدعم نفس مجاميع الأقليات الذين ساعدوهم سابقا، الذين يشعرون الان أن الولايات المتحدة قد تخلت عنهم. واستنادا لنشطاء ومنتسبين حاليين وسابقين في وكالة المساعدات الأميركية USAID ، فإن هذا التجميد كان له تأثير مباشر على الأرض، مشيرين الى ان قطع المساعدة قد أوقف العمل في مساعدة المجاميع المتضررة والذي زرع ذلك لديهم شعورا بالخيانة بعد 10 سنوات على جريمة الإبادة الجماعية. وفي منطقة سنجار، التي تعرض فيها آلاف الإيزيديين للإبادة على يد داعش، فان تجميد التمويل قد أوقف الاعمال والأنشطة لتوفير مياه وكهرباء وخدمات مراكز رعاية صحية أولية وبناء مدارس ومراكز مجتمعية وبنى تحتية أساسية أخرى في وقت يستعد فيه آلاف من الإيزيديين للعودة الى مساكنهم بعد أكثر من عقد قضوه في مخيمات النازحين.
وأحد الأمثلة على ذلك هو في توقف عمل مولدات الطاقة الكهربائية التي سيتم خزنها بسبب تلقي أوامر بوقف العمل فيها، مما سيترك ذلك أبناء الطائفة بدون تجهيز يعتمد عليه للطاقة الكهربائية. ميرزا ديناي، ناشط إيزيدي في حقوق الانسان ورئيس مركز دار التعايش HOC للثقافات المتعددة في سنجار، يقول: "كانت لحظة صادمة في ان وكالة المساعدات الأميركية USAID قد جمدت اعمالها في مساعدة أبناء الأقليات التي ساعدت الولايات المتحدة في انقاذهم. سابقا كانت المساعدات الأميركية متوفرة في كل مكان." وقال الناشط ديناي بأن الوكالة الأميركية، التي وفرت غالبية تمويلات المساعدات الانسانية للمنطقة، كانت بمثابة أحد ركائز دعم الاستقرار والرفاهية فيها. وأضاف قائلا: "الإدارة الأميركية الأولى لترامب كان لها دور حيوي في الاعتراف بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون ودعمها كذلك لوكالة المساعدات بدعم العراق ومساعدته، وان حقوق الأقليات والحريات الدينية كانت مدعومة من الإدارة الأولى أيضا. ولكنني أتساءل الان لماذا الإدارة الثانية غير مدركة بما يحدث للأقليات الان."
وتذكر الغارديان بان جمعيات خيرية تدعم الأقليات المسيحية، مثل جمعية خدمات الإغاثة الكاثوليكية CR، قد تأثرت بشكل مباشر أيضا بتجميد اعمال الوكالة الأميركية، وشمل التأثير، وفقا لأشخاص مطلعين على أعمالهم في المنطقة، على برامج الجمعية في منطقة سهل نينوى التي تضم أبناء الطائفة المسيحية.
واستنادا الى معلومات حصلت عليها وكالة ناشنال كاثوليك ريبورتر، فإن جمعية الإغاثة الكاثوليكية، وهي من بين اكثر الجمعيات تلقي لتمويلات من وكالة المساعدات الأميركية USAID ، تواجه تسريحا بنسبة 50% من العاملين فيها هذا العام وبدأت بإغلاق برامج تشكل نفقاتها نصف ميزانية الوكالة الأميركية البالغة 1.5 مليار دولار. وقال منتسب سابق في وكالة المساعدات الأميركية USAID في العراق "أرى كثير من الضرر في التوقف الفض المفاجئ لهذه المساعدات".
من جهته، قال شخص آخر يترأس احدى مشاريع المساعدة في العراق التي تمولها وكالة USAID في حديث للغارديان: "لو اننا توجهنا لتحقيق اصلاح ذي معنى في منظومة المساعدات الخارجية، فنحن نحتاج الى حوار صادق نزيه مع منتقدي هذا البرنامج من المساعدات وأن يأخذوا بنظر الاعتبار الانجازات الكبيرة التي حققها برنامج USAID خصوصا في العراق."