في خضم الجهود المكثفة لإنهاء الصراع المستمر، برزت مقترحات تتعلق بإرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا. هذه المقترحات أثارت نقاشات واسعة بين قادة أوروبيين، خاصة في ظل المساعي الأميركية لعقد محادثات مع موسكو بهدف إنهاء الحرب.
ويأتي الحديث المتزايد عن نشر قوات أوروبية، عقب ترحيب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بمثل هذه الفكرة، واستبعاده في الوقت نفسه نشر قوات من الولايات المتحدة في أوكرانيا.
وقال ترامب لصحفيين في الطائرة الرئاسية "أعتقد أنّ الروس يريدون للحرب أن تنتهي... لكنّني أعتقد أنهم في موقع قوة إلى حدّ ما لأنّهم سيطروا على الكثير من الأراضي، لذا فإنّهم في موقع قوة".
وأتى تصريح الرئيس الأميركي بعيد اتهامه الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مساء الأربعاء، بأنه "ديكتاتور من دون انتخابات".
زيلينسكي في لقاء مع ترامب
"لن أبيع أوكرانيا".. زيلينسكي يرد على طلب من ترامب
رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، مطالب الولايات المتحدة بالحصول على ثروة معدنية بقيمة 500 مليار دولار من أوكرانيا مقابل المساعدات المقدمة من واشنطن لبلاده في وقت الحرب، وفقا لرويترز.
وأتى هذا الاتهام الجديد لزيلينسكي من جانب ترامب الذي يدرس عقد لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، قبل ساعات قليلة من الاجتماع المقرر في كييف بين مبعوثه كيث كيلوغ والرئيس الأوكراني، في سياق متوتر للغاية.
ورأى الرئيس الأميركي، أن كييف لم تتعامل بشكل لائق مع وزير الخزانة سكوت بيسنت خلال زيارته لها الأسبوع الماضي، وقال ترامب "كان زيلينسكي نائما وغير متاح للقائه".
مواقف أوروبية متباينة
الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كان قد طرح فكرة إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا قبل عام، لكنها لم تلقَ اهتمامًا كبيرًا في ذلك الوقت.
ومع ذلك، في تصريح له، الأربعاء، أشار ماكرون إلى أن بلاده ليست في وارد نشر قوات في جبهات القتال، مما يُعتبر تراجعًا عن موقفه السابق.
القوات الأوكرانية خلال تصديها للهجمات الروسية
ترامب يبدي موقفه من فكرة إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا
رحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء بفكرة إرسال أوروبا لقوات حفظ سلام إلى أوكرانيا.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الهولندي، ديك شوف، عن ضرورة توافق الأوروبيين على ما يمكنهم تقديمه، مؤكدًا أن ذلك سيمكنهم من الحصول على مقعد في طاولة المفاوضات.
أما المستشار الألماني، أولاف شولتس، فقد أبدى تحفظه على فكرة إرسال قوات إلى أوكرانيا، واصفًا النقاش بشأن هذا الموضوع بأنه "غير مناسب" و"سابق لأوانه".
"الكرة في ملعب بوتين"
الدبلوماسي الأوكراني، فولوديمير شوماكوف، أشار في تصريح لموقع "الحرة" إلى أن هناك أحاديث "عن إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا بعد تجميد أو وقف القتال مع القوات الروسية الغازية".
ومع ذلك، أعرب شوماكوف عن اعتقاده بعدم وجود وقف قريب للقتال، مؤكدًا أن "القرار في يد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وليس بيد الرئيس الأميركي أو أي من القوى الغربية الأخرى".
وأضاف شوماكوف أن "بوتين صرّح مرارًا وتكرارًا بأن الحرب على أوكرانيا لن تتوقف، وأن وزير خارجيته، سيرغي لافروف، أكد قبل أيام أن وقف المعارك ليس في صالح بلاده، زاعمًا أن كييف ستستغل تلك المهلة لتعزيز قواتها وترسانتها العسكرية".
وبالتالي، يرى شوماكوف أن المفاوضات، بغض النظر عن طريقتها، ستكون طويلة، وسيستغلها الرئيس الروسي لإخراج بلاده من العزلة التي فرضت عليها بعد غزو أوكرانيا، على حد وصفه.
من جهة أخرى، يرى تيمور دويدار، الخبير في الشؤون الدولية والمقيم في موسكو، في تصريح لموقع "الحرة"، أن احتمال نشر قوات أوروبية أو تابعة لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا ضئيل للغاية.
وأوضح دويدار أن "الاتحاد الأوروبي يُعتبر طرفًا في الأزمة، وروسيا ليست في موقف ضعف لتقبل بذلك، بل على العكس، فهي في موقع قوة، وقواتها تتقدم في أوكرانيا".
وأضاف دويدار أن "موسكو في موقع قوة من الناحية الدبلوماسية، خاصة مع بدء المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة". وأشار إلى أن "القوات الروسية لم تتحرك باتجاه أوكرانيا إلا بعد أن سعى الغرب إلى جعل الأخيرة في دائرة النفوذ الغربي، وهو أمر مرفوض من الإدارة الروسية الحالية أو أي إدارة قادمة، لأنه يتعلق بأمن البلاد القومي".
وفيما يتعلق بوجود قوات غربية في أوكرانيا، أكد دويدار أنه لا داعي لذلك، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في تراجع كييف عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، والامتناع عن الترويج لفكرة أن موسكو تقود حربًا ضد أوروبا.
يمر شخص أمام نصب تذكاري مؤقت مغطى بالثلوج للجنود الأوكرانيين
المفوضية الأوربية تتحدث عن سلام "عبر القوة" في أوكرانيا
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في رسالة مشتركة مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، أن الاجتماع الطارئ الذي عقده القادة الأوروبيون الاثنين في باريس، أكد على أن أوكرانيا "تستحق السلام عبر القوة".
وأضاف أن "الولايات المتحدة نفسها رفضت تلك (الأكذوبة)، وبالتالي فإن أوروبا ليست طرفًا في المفاوضات بسبب العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا".
"خسائر لكييف"
وفي سياق متصل، أوضح دويدار أن روسيا لم ولن تمانع انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، بل إن ذلك قد يسبب خسائر اقتصادية لكييف، نظرًا لضرورة تغيير المعايير الاقتصادية والصناعية لتتوافق مع معايير الاتحاد.
وتوقع دويدار أنه في الانتخابات القادمة، سواء عاجلاً أم آجلاً، سيشهد نظام الحكم في أوكرانيا تغييرًا يعيد الدفء للعلاقات بين البلدين، على حد وصفه.
وعلى الرغم من النقاشات المستمرة حول إمكانية نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، إلا أن هناك تحديات عدة تواجه هذا المقترح.
فبالإضافة إلى التباين في المواقف الأوربية، فإن تلك الدول تعاني من محدودية في قدراتها العسكرية. على سبيل المثال، تعرض الجيش البريطاني لتخفيضات كبيرة في العقد الماضي، مما يثير تساؤلات حول قدرته على قيادة مثل هذه المهمة، وذلك وفق تقرير نشره موقع "راديو أوروبا الحرة".