مع تصاعد وتيرة التهديدات الأمريكية في استهداف إيران بعمل عسكري أو عقوبات اقتصادية للتخلي عن برنامجها النووي، يتوقع مراقبون أن يكون العراق أول المتضررين من هذه الأزمة.
وتكمن الخطورة على العراق حال استدراجه ليكون جزءاً من هذه العمليات، وبالتالي سيتضرر أمنياً بوجود فصائل مسلحة حليفة لإيران لها القدرة على تهديد المصالح الأمريكية في وقت هناك عجر حكومي وعدم قدرة على ردعها، بحسب المراقبين.
وإلى جانب التضرر الأمني، يبرز الجانب الاقتصادي والحاجة الماسّة لاستيراد الغاز والكهرباء من إيران، والأخطر يتمثل بالاقتصاد العراقي الريعي المهدد حال حصول اضطرب في الخليج وفي مضيق هرمز بحدوث خلل في انسيابية تدفق البترول من العراق إلى الأسواق العالمية ولاسيما الصينية، ما سيؤدي إلى خلل في الدخل القومي العراقي، وفق المراقبين.
ويؤكد المراقبون، أن المنطقة على "حافة انهيار أمني وعسكري" سيلقي بظلاله على العراق، خاصة وأن الساحة العراقية هي ساحة تجاذب وصراع بين النفوذ الأمريكي والإيراني، ما يضع حكومة السوداني بـ"مرحلة الخيارات الصعبة".
بوادر الحرب
وبهذا الصدد، يقول الخبير الإستراتيجي، أحمد الشريفي، إن "التموضع الأمريكي في المحيط الهندي بقاعدة (دييغو غارسيا) الإستراتيجية تدلل على أن بوادر الحرب باتت أكثر ترجيحاً كاحتمال، فيما بدأ التصعيد ضد إيران ينتقل من مرحلة ضرب الأذرع إلى مرحلة ضرب العمق، والتحول على العراق سيكون بعد عملية اليمن".
ويوضح الشريفي لوكالة شفق نيوز، أن "المرحلة التي تلي العمليات في إسكات قدرة اليمن على المشاغلة والتعرض في البحر الأحمر، قد تكون باستهداف الفصائل العراقية بوصفها قدرات حليفة لإيران في الجغرافية العراقية، لها القدرة على تهديد المصالح الأمريكية، في وقت هناك عجر حكومي وعدم قدرة على ردعها".
ويرى أن "استدراج العراق بالحرب الأمريكية - الإيرانية ليكون جزءاً من هذه العمليات وارد، وما يعزز هذه الفرضية انسياق الإطار التنسيقي الذي يؤثر على الحكومة بشكل مباشر مع إيران، وبالتالي سيتضرر العراق اقتصادياً وكذلك على مستوى أمن الطاقة فيما يتعلق بدائرة الإنتاج ونشاط الحياة الاقتصادية في البلاد".
وينوّه إلى أن "الأخطر في هذا الجانب، هو أن الاقتصاد العراقي ريعي، وفي حال حصل اضطرب في الخليج وفي مضيق هرمز، فسيؤدي إلى خلل في انسيابية تدفق البترول من العراق إلى الأسواق العالمية ولاسيما الأسواق الصينية، وهذا سيؤدي إلى خلل في الدخل القومي العراقي، وقد يعجز العراق بموجبه على الإيفاء بالتزاماته في تأمين الرواتب".
ويؤكد أن "هذا يجعل حكومة السوداني في أخطر مرحلة يمكن تسميتها بـ(مرحلة الخيارات الصعبة)، حيث إن المنطقة على حافة انهيار أمني وعسكري سيلقي بظلاله على العراق الذي يجب عليه أن يحسم خياراته بين أمريكا أو إيران أو النأي بنفسه وأخذ جانب الحياد، خاصة وأن الساحة العراقية هي ساحة تجاذب وصراع بين النفوذ الأمريكي والإيراني".
مصير العلاقة العراقية الإيرانية
وعن مصير العلاقة ما بين بغداد وطهران إذا ما تطور التصعيد القائم ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى تصعيد عسكري أو مضاعفة العقوبات على الأخيرة، يقول المحلل السياسي، عائد الهلالي، إن "هذا سيؤثر بشكل كبير على مستوى العلاقة ما بين البلدين".
ويوضح الهلالي لوكالة شفق نيوز، أن "العراق يقف حالياً في المنطقة الوسطى ما بين إيران وأمريكا، ويحاول صناعة حوار لتقريب وجهات النظر بينهما، لكن سياسة ترامب مختلفة هذه المرة، فهو يحاول أن يضغط بشكل كبير على طهران للتخلي عن برنامجها النووي، وهذا الوضع يثير قلق الحكومة العراقية لأن تداعيات هذه الأزمة سوف تتحول إلى العراق".
وعن مكامن هذه المخاوف، يشرح الهلالي، أن "هناك فصائل في العراق موالية لإيران قد تستهدف المصالح الأمريكية سواء في العراق أو في البلدان المجاورة التي فيها قواعد أمريكية، وهذا سيؤثر على العراق، لأن أمريكا لن تقف مكتوفة الأيدي بل سوف ترد على المستهدفين".
ويتابع "كما أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أيضاً، بل أنها توعدت بالرد على القواعد الأمريكية في المحيط الهندي التي يتواجد فيها قرابة 50 ألف جندي أمريكي، لذلك هناك تداعيات مدمّرة للمنطقة عموماً ولن تقتصر على إيران".
وعلى الجانب الاقتصادي، يضيف الهلالي، أن "العراق لديه تبادل اقتصادي كبير مع إيران ربما يصل إلى قرابة 20 مليار دولار، كما هناك حاجة ماسّة لاستيراد الغاز والكهرباء منها، وفي حال تعرضها للتدمير فهذا سيؤثر على إمدادات الطاقة وساعات التجهيز في العراق".
العراق أول المتضررين في الأزمة
وبناءً على ما سبق، يعتبر "العراق أول المتضررين من هذه الأزمة إذا ما وصلت لحد الانفجار، لسبب بسيط، وهو أن العراق فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق الاستقلالية بقرار الدولة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، ومن ذلك ملفات الدولار والغاز والطاقة الكهربائية وغير ذلك"، بحسب السياسي العراقي المقيم في واشنطن، نزار حيدر.
أما على المستوى الأمني، يرى حيدر خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "العراق سيحترق، إذا قرر أي فصيل من الفصائل المسلحة أن يرتكب حماقة ويطلق رصاصة في الهواء وسط هذا التصعيد، لذلك على العراق الحذر الشديد لمنع كل من تسوّل نفسه لتوريط البلاد بالأزمة، بذريعة قدرته على الدفاع عن نفسه أو بشعارات (النصرة) و(وحدة الساحات)".
ويؤكد أن "العراق مازال تحت سلطة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أعجز من أن يحمي نفسه ذاتياً إذا ما تم توريطه للانخراط في حرب ما، والدليل على ذلك ما رأيناه خلال الأشهر الماضية عندما وقف على شفير عدوان (إسرائيلي)، فلولا قرار واشنطن بالدفاع عنه وحمايته من مثل هذه الهجمات، لكان العراق قد تعرض للضرر العظيم".
ويتفق الخبير العسكري، علاء النشوع، مع ما طرحه حيدر، بالقول لوكالة شفق نيوز، إن "العراق ليس لديه القدرة العسكرية على مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية فهي أقوى قوة ردع بالعالم، لذلك المعركة ضدها خاسرة، وفي حال قرر العراق الوقوف مع إيران ضد أمريكا ستكون هذه هي نهايتهالشاملة".