رغم الانتشار الواسع للطائرات المسيرة حول العالم، واستخدامها المتزايد في المهام العسكرية والأمنية وحتى المدنية، لا يزال العراق متأخراً في هذا المضمار، ويكاد يخطو أولى خطواته في مجال التصنيع والاستخدام، حيث قالت وزارة الدفاع إنها تناقش سياسة واضحة لتنظيم هذا الملف.
وتتصاعد حاجة العراق لهذا النوع من الأسلحة مع اتساع نطاق المهام الأمنية، لاسيما في المناطق الصحراوية والشريط الحدودي الطويل مع ست دول مجاورة، ما يجعل من الطائرات المسيّرة أداة قوية للرصد والمتابعة وتقليل الاعتماد على الدوريات البشرية.
وتعول الجهات العسكرية على هذه التقنية لتغطية الثغرات الأمنية وتحديث قدرات القوات المسلحة، خصوصاً مع اقتراب موعد إنهاء مهام التحالف الدولي.
ولا يزال العراق في خطواته الأولى لتصنيع هذا النوع من الأسلحة، برغم أهميته المتزايدة في مواجهة التحديات الأمنية، حيث تتركز الجهود الحالية على إنتاج طائرات مخصصة للاستطلاع والمراقبة، تجمّع محلياً من أجزاء مستوردة، وسط تطلعات لتوسيع قدرات التصنيع مستقبلاً لتشمل نماذج أكثر تطوراً.
الفساد عائق
بدوره، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، أن "الطائرات المسيرة باتت ضرورة ملحة للعراق في الوقت الحالي، حتى بعد استقرار الوضع الأمني والقضاء على خلايا الإرهاب".
وقال البنداوي لـ(المدى)، إن "ما يتم في هيئة التصنيع الحربي، حالياً لا يرقى إلى مستوى الطموح، حيث يقتصر دورها على تجميع الأجزاء المستوردة من الخارج، دون الوصول إلى مرحلة التصنيع الكامل داخل العراق".
وأكد أن "العراق يمتلك كفاءات هندسية وفنية عالية المستوى، قادرة على إنتاج الطائرات الحربية والطائرات المسيرة بمواصفات عالمية، ولكن توجد معوقات تتعلق بالفساد الإداري والمالي، وعدم استغلال هذه الطاقات بالشكل الأمثل".
ومثلت حرب ناغورنو كاراباخ واحدة من أبرز الأمثلة على الاستخدام الحاسم للطائرات المسيّرة، حيث استطاعت أذربيجان، بدعم من تركيا، أن تحقق تفوقاً ميدانياً كبيراً باستخدام طائرات "بيرقدار" التركية، ما أدى إلى تدمير منظومات دفاعية ومواقع مدفعية أرمينية بدقة، ومهد الطريق أمام تقدم القوات البرية.
وفي الحرب الروسية الأوكرانية، لعبت المسيرات دوراً محورياً في جمع المعلومات الاستخباراتية، وضرب خطوط الإمداد، وتنفيذ عمليات استنزاف عسكري، سواء من خلال المسيّرات التركية، أو المسيرات الانتحارية الإيرانية (شاهد-136) التي استخدمتها روسيا لاحقاً.
وفي ساحات القتال ضد داعش، استخدم التنظيم الطائرات المسيرة لأغراض استطلاعية وهجومية بسيطة، وأدخل تعديلات محلية على طائرات تجارية صغيرة لتحمل قنابل يدوية أو متفجرات، أما الفصائل المسلحة، فقد طورت استخدام هذه التقنية، وشنّت هجمات على قواعد أميركية أو مواقع داخل إقليم كردستان، وفق اتهامات تواجهها.
لماذا لا يندفع العراق؟
من جهته، أكّد الخبير الأمني سرمد البياتي أن "العراق لا يزال متأخراً في مجال امتلاك الطائرات المسيّرة الحديثة، إذ أن هذا الملف تأخر كثيراً رغم الضغط الإعلامي والمطالبات المتكررة بتوفير طائرات مسيّرة متطورة لدعم قدرات العراق الدفاعية".
وقال البياتي لـ(المدى)، إن "التطورات المتسارعة التي تشهدها دول مثل أوكرانيا وتركيا وإيران في مجال الطائرات المسيّرة، يجب أن تدفع العراق إلى تسريع خطواته في هذا الملف الحيوي".
وأشار إلى أن "العديد من القوى غير الحكومية في المنطقة، سواء في العراق أو سوريا أو لبنان أو اليمن، تمتلك بالفعل قدرات متقدمة في مجال الطائرات المسيرة، سواء كانت للاستطلاع أو الهجمات باستخدام الطائرات المفخخة".
وبيّن البياتي أن "العراق يمتلك حالياً أنواعاً محدودة من الطائرات المسيّرة، مثل الطائرات الصينية CH-5 وCH-4 وبعض الطائرات المخصصة للاستطلاع، وهذه الإمكانيات لا تزال محدودة، ويجب تطويرها بشكل أكبر من خلال استيراد المعدات والتقنيات الحديثة من مصادر معتمدة ومتقدمة تكنولوجياً".