حكايته مع الفن كانت حينما رغب الالتحاق بمعهد الفنون الجميلة (قسم النحت)- لأنه ابن نجار ، وكان يعمل مع اخيه ايضا في النقش على الخشب لعمل الموبيليا- وكيف ان الأقدار ساقته لوساطة حتى "الملك" كي يوقع على (كارت) صغير من اجل قبوله بسبب انقضاء مدة التسجيل ، وحينها تعرف على حقي الشبلي وجواد سليم ، ولم تمض فترة قصيرة حتى تبدد حلمه اليافع حينما قرر اخوه الاكبر ان يدفعه للتوقف عن الدراسة والعمل في محل العائلة للنجارة .وتمضي الايام والسنون ، ويعود حمودي الحارثي مرة اخرى لمعهد الفنون الجميلة ولكن في قسم التمثيل هذه المرة ، وتكون هي التي صقلت موهبته وجعلته ما هو عليه الآن بعدما درس وثابر حتى حصل على شهادة الدكتوراه، وكان قد مهد لها بدراسة – وتطبيق - الرسم والنحت والاخراج اضافة للتمثيل.
لم يكن يرغب الحديث عن نفسه كثيرا ، لكنه طاف بالحاضرين في عوالم وشخصيات تعد بالمئات ، وأبتداء من منطقته ( الكاظمية – باب السيف) وكيف كانت تعج باليساريين ، ومنهم تأثر بالفكر والثقافة الانسانية ، مرورا بدخوله مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ، ومشاركته بالأخراج والتمثيل وصولا الى علاقاته - بحكم الوظيفة – بمعظم مفاصل الدولة العراقية ، من حكام الى سياسيين الى فنانين وأدباء وشعراء وهكذا .
عرج بحديثه عن مواقف كثيرة ، فكاهية أو مربكة كانت تصادفهم في العمل حينما كان النقل مباشرا اذ لم تكن لديهم اجهزة فيديو ، وهذا ساهم بضياع كم هائل من النتاجات ولكن هذه المعاناة انتهت اواخر الستينات بعدما اقتنت الدار اجهزة الفيديو والتسجيل .
شــخصيات كثيرة جدا مرت بحياة الفنان حمودي الحارثي ، الذي عرفه المشاهدون بـ " عبوسي" كان قد اخرج مئات الحلقات من ابرز برامج التلفزيون ومنها ( قل ولا تقل ، الرياضة في اسبوع ، عدسة الفن ، العلم للجميع) وأشرف على اخراج المئات من اللقاءات والحلقات والأغاني على مدى عشرات السنين من العمل خلف الكاميرا .
سألته احدى الحاضرات عن الفنانة زينب ، فتنهد قليلا وقال : هناك سيدتان لا انساهما مهما حييت هما المرحومتان زينب وزكية خليفة ، هاتان الفنانتان اللتان تعلقت بهما بعدما عملت معهما اشد تعلقاً .. و كان رحيلهما خسارة كبيرة .
سأله احد الحاضرين ان كان قد عمل في السياسة فقال: انا لم اعمل في السياسة ابدا ولغاية خروجي من العراق عام 1997 (بمساعدة الفنان كاظم الساهر) ، علما اني كنت اعمل في اخطر جهاز اعلامي في العراق ، ورغم كل سياسة التبعيث ، لكني انتميت الى اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي عام 1958 وأتشرف بهذا الانتماء وبالمجموعة التي عملت معها آنذاك .
اما عن اول مشاركة في التمثيل فقال : في عام 1958 وعقب انتصار ثورة 14 تموز المجيدة اقمنا مهرجانا للشبيبة في منطقة " ابو غريب" فاشتركت بمسرحية تتناول الصراع بين الخير والشر وكان اسمها – الســـلام أمل الشعوب- .
اما حينما سئل عمـّا اذا كان قد زار العراق بعد سقوط نظام صدام ، فقال: نعم زرت العراق ، ورغم الألم الذي ساورني لما شــاهدته من خراب ودمار ، لكني فرحت بالأستقبال والترحاب الذي لقيته من جمهوري ومن المثقفين العراقيين ، وأروع هدية اســتلمتها في اتحاد الادباء من قبل الشاعر المبدع – الفريد ســمعان – وكانت ( درع الجواهري) والذي اعتز به بشكل خاص ، رفم اني منحت جوائز اخرى كثيرة ومن ضمنها القلادة الذهبية من قناة الشرقية الفضائية.
اما عن عودته الآن للعراق فأجاب والغصة في فمـه : انا الآن متفرغ لعائلتي وللنحت وللفن ، وأردف ايضا : انا لا اســتطيع ان اعمل مع من لا يحترم الفن ومن لا يقدر اهمية رسالته .
لكنه اردف وقال : انا مستعد لعمل مســرحي في ديترويت وبالتعاون مع السيد زهير كرمو ، علما ان الفنان حمدي الحارثي كانت له تجربة مسرحية في ديترويت عام 1979 ، ويعتز بتكرارها اذا سمحت الظروف .
كان الزميل نبيل رومايا – سكرتير الاتحاد الديمقراطي العراقي – قد رحب اثناء الامسية بالفنان حمودي الحارثي ، وشكر له تلبيته الدعوة ، وأثنى على مسيرته الفنية وسيرته الناصعة وقدم له بأسم الاتحاد وزملائه لوحتين،الأولى شهادة تقديرية ، والثانية تمثل – عضو شرف – في الاتحاد الديمقراطي العراقي . كما وقدمت للفنان مع بداية الحفل باقة زهور من الأخوة المندائين وأخرى بإسم جريدة " طريق الشعب " كانت لها الأثر الطيب في نفســه