الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
مهرجان كتب مذهل.. في حدائق ابو نؤاس!
الأحد 30-09-2012
 
عبد الجبار العتابي

انطلقت بعد ظهر السبت 29 / 9 / 2012 فعاليات اكبر تجمع مدني للقراءة وسط العاصمة العراقية بغداد، حملت شعار (انا عراقي.. انا اقرأ)، كان الحضور مما لا يصدق، وكان التناغم بين الجميع من اجمل ما يكون، فالمكان أصبح لوحة رسمتها الكتب، فيما تلوح في الفضاء كلمات (من اجل تحقيق الحلم، حلم يبدأ بالكتاب، من اجل الكتاب).

   في ظاهرة مذهلة، كانت هنالك المئات من الناس إن لم أقل الآلاف من الناس، جاؤوا زرافات ووحدانا، نساء ورجالاً، صغارًا وكبارًا، ليملؤوا المكان بفرحهم الغامر ويفترشوا الحدائق الواسعة في شارع ابو نؤاس وسط بغداد، وبالتحديد بالقرب من نصب (شهرزاد وشهريار)، وتمتلىء أياديهم بالكتب، يقرأون أو يطلعون على العناوين الكثيرة التي انتشرت على مساحات من الحدائق وعلى الطاولات، الكل يقرأ ما تيسر له للدلالة على أن المبادرة حية ولا بد أن تكون كذلك ما دام شعارها يتمثل في هذه الدلالة، فيما كانت هنالك العديد من الفعاليات تقام بالتزامن مع الهيمنة الواسعة للكتب على تلك المساحات، وقد ارتأى القائمون على المبادرة تخصيص اماكن مؤطرة بأشرطة لها، فكان هنالك عازفون على العود والكمان والكيتار، وكان هناك رسامون، كل يرسم ما يجيش في خاطره من افكار من واقع الحال أو من افكار لديه، فيما كان شباب المبادرة بقمصانهم المميزة المكتوبة عليها باللغات: العربية والانكليزية والسومرية (انا عراقي.. انا اقرأ).

هؤلاء الشباب تغنوا بزهوهم الذي حملوه، كانوا يجيبون حين يسألهم سائل: من انتم ؟ لا يعرفنا سوى من استطاع الحب، فنحن نحب المعرفة ونعشقها ونستمر بترميم الأغلفة كي تصل اليكم دواخلنا، هؤلاء نحن، نحصد الشوك المتجذر في طرق الجمال، نحصده بالحرف والكلمة والجملة، حتى يكتمل نصاب الفهم، نحن مجموعة من الشباب الذي يحاول تفسير الالواح الطينية والورقية والتكنولوجية، وفي الوقت عينه يحاول الفهم، فإن كان اول كتاب هو عودة للماضي، فالثاني هو الذهاب الى الامام، ما يهمنا أن نقرأ، نعم: انا عراقي انا أقرأ، بعيدًا عن مقولات التراخي، هناك من يكتب ويطبع ويقرأ، نحن كتبنا وطبعنا وسنقرأ ونزيد !!.

   وفي كراسهم الذي وزعوه في الحدائق والشوارع ومختلف الامكنة، كانوا يوضحون اهدافهم: احياء ثقافة القراءة، اغناء ثقافتنا بالقراءة، تفعيل المبادرات الشبابية الثقافية والسعي الى تحقيقها، إعادة هيبة ثقافة القراءة والكتاب إلى المجتمع العراقي.

يقول وزير الثقافة الاسبق مفيد الجزائري: هذا المهرجان بادرة خير، فحتى الذين لا يعرفون القرّاء يحضهم على أن يتعلموا القراءة والكتابة، هذه مسألة مهمة جدًا، حتى الاميون الذين لا يعرفون الابجدية لابد أن نأتيهم بطريقة ما ونهيىء لهم مستلزمات أن ينخرطوا في عمليات مكافحة الامية وأن يعلموا انفسهم وأن يهيؤوا انفسهم للقراءة، واذا ما شجعت الدولة والدوائر الحكومية ذلك فسوف تكون حملة مجتمعية، ولكن إن لم تساهم الدولة فالمجتمع المدني موجود والمنظمات وهؤلاء الشباب وامثالهم، والمفروض أن ننضم اليهم جميعنا وفي كل مكان ونعمل ركائز في كل المحافظات، ويبقى شعار (انا عراقي.. انا اقرأ) سمة ابدية للعراقي، أن تكون من صفات العراقي الاساسية أنه يقرأ، أنه لا يعيش من دون الكتاب، ولا من دون الثقافة والمعرفة، لذلك أن لا ندخر أي جهد أو قوة من اجل أن نساندهم.

واضاف: قد لا تؤتي هذه المبادرة ثمارها في القريب العاجل بسبب الوضع المعقد للبلد والامية المنتشرة والاجيال المختلفة التي خلفها لنا صدام، تركة صدام ثقيلة وهؤلاء الناس بعيدون عن الكتاب والقراءة، ولكن رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وهذه هي الخطوة وينبغي أن تستمر وأن لا تتوقف، والمهم أن تنتبه لها الدولة لأن عدم انتباه الدولة لها، يعني عمليًا أنها تقطع الطريق على جهد نبيل حقيقي مخلص مثمر ومنتج، هذا هو الجهد المثمر الذي من الممكن أن يأتينا بأجيال مثل التي نشأت وتربت قبل اربعين او خمسين سنة.

فيما قال رجل الدين الشيخ احمد القباني: هذه حركة عفوية وشعبية بمنتهى الكلمة، وهذه تعبر عن أن الشعب حي، وأن لديه القابلية أن يتطور، لأن الكتب هي علامة التطور، فأساس تطور الحضارات هو الكتاب والكتابة، فهذا المشروع العفوي الذي لا وزارة تكفلت به ولا مؤسسة حكومية، هو احلى مشروع ويعبر عن تطلعات الشباب والشابات الذين هم امل العراق المشرق، وان شاء الله يتم مشروعهم على خير ما دام لدينا هذا المستوى من الحضور.

واضاف: شعار انا عراقي.. حاليًا في العراق ملازم للكثير من الامور التي اغلبها سلبية، العراقي المقهور، الارهاب القتل، الظلم، الاستبداد وغير ذلك، ولكن هذه الالتفاتة جديدة، وطرح جديد يلائم المرحلة، وانا عراقي انا اقرأ.. يعني انا بدأت مرحلة جديدة، بدأت مرحلة الحداثة، القراءة والكتب معناها أن الانسان يسير في خط الحداثة، وهو عنوان لمرحلة جديدة، غير العناوين السابقة المركوزة في الاذهان أو في ضمير اللاواعي على كلمة العراقي.

  وقال الشاعر الدكتور نصير غدير: العراق لا يحتاج مبادرة الى القراءة، فالعراق هو ستة آلاف سنة من القراءة والكتابة، والحضارة التي اهدت العالم الحرف صارت في قلب العالم وفي قلب حضارته الكونية، لدينا تراث هائل من المفكرين والفلاسفة والفلكيين والاطباء والمهندسين والرياضيين الذين اهدوا للعالم منجزات حضارية لا تزال قائمة في اللحظة الحالية من التقدم التقني والعلمي الهائلين، فالخوارزمي ما زال حاضراً على سبيل المثال في قلب العلوم الكمبيوترية والتواصلية، وابن سينا وكتابه القانون في الطب لا يزال حاضرًا في قلب العلوم الطبية والتحولات الكبرى في عالم الجينالوجيا، وهكذا الفارابي وابو بكر الرازي وابن رشد، كل هؤلاء المفكرين العرب ومعظمهم عراقيون لا يزالون حاضرين في قلب الحضارة الكونية للعالم، فبالتالي حين نقول (انا عراقي انا اقرأ) ويقوم بهذه المبادرة شباب يافعون فنريد أن نقول للعالم إن العراق لا يزال سائرًا في ركب الحضارة الانسانية بل رائدًا من روادها.

اما بسام عبد الرزاق، احد منظمي المبادرة، فقال: انطلقت الفكرة من مجموعة من الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) منذ منتصف العام الحالي، وقد حدثت الفكرة في تركيا سابقًا، وحينما شعرنا أن هناك كسلاً في التعامل مع الكتاب، وأن هناك ضعفًا في التعامل مع القراءة وجدنا أن هذه التجربة لابد أن تكون عراقية، لابد أن تكون في كل بيت عراقي، اليوم ونحن نطلق المبادرة في حدائق ابو نؤاس هناك عوائل جالسة في بيوتها متضامنة معنا، لأن حالة الركود المعرفي، وحالة التراجع الفكري، والحالات الخطيرة التي مر بها العراق مثل الحروب والمشاكل الاقتصادية ابعدت المجتمع عن هذه الثقافة، وبالتالي انخلق لدينا مجتمع ميال كثيرًا الى القتال والحروب، ولأننا شباب ولأن علينا أن نفكر بالجيل الذي بعدنا والكيفية التي سيكون عليها،  وأن جيلنا ماذا سيكون وهو الذي اكثر تفكيره بالسلاح، لذلك احببنا أن نطلق مبادرة للقراءة لأن القراءة تخلق شعبًا متحضرًا، القراءة تصنع حالة من المدنية عالية، وحوارًا مهماً يصنع افكارًا جديدة، لذلك أتت هذه المبادرة لتكون علامة فارقة.

 واضاف: سوف نظل نركز على هذه المبادرة، لأنها ليست ليوم واحد فقط، بل هي مشروع ومن ضمن المشروع هو هذا اليوم الذي حددناه، وسوف نحدد ايامًا أخرى ونقيم فعاليات اخرى، متنوعة، حيث قررت اللجنة التنظيمية اقامة اكثر من 16 فعالية، وهذا كله بجهود ذاتية، نحن الشباب دعمنا انفسنا، لم تساهم معنا أي جهة سوى بعض الاشخاص القريبين منا، والذين نؤمن أنهم متبنون لهذه الفكرة، والدليل انهم جميعًا رفضوا أن نعمل لوحة شرف ونكتب عليها اسماءهم.

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
صراع الممرات: طريق التنمية من منظور تاريخي وباب التعاون بين بغداد وانقرة
"النجباء" توعدت بالانتقام وفصائل عراقية تقصف إيلات
اللجنة الثقافية في الاتحاد الديمقراطي في كاليفورنيا تضيّف الدكتور سلام يوسف في (قراءات في ملحمة كلكامش)
نصف عام و كرسي رئيس البرلمان خالٍ.. من سيظفر بـ المطرقة ؟
بايدن يوجّه أقوى رسالة إلى إسرائيل
صحيفة إسرائيلية تصف تأخير شحنات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل بـ"الضربة" وتؤكد: القادمة أكثر إيلاماً
الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن
خلال يوم.. 7 مجازر إسرائيلية توقع أكثر من 250 ضحية في غزة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة