الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
رعود الإبداع والجنون تهز رواق المقهى الثقافي العراقي
الإثنين 02-11-2015
 
عبد جعفر

في محاضرة متميزة من نوعها، استضاف المقهى الثقافي العراقي في لندن يوم 25-10-2015 الدكتور ماجد الياسري، إستشاري في الطب النفسي للحديث عن "جدل الإبداع والجنون".

في البداية رحب الفنان علي رفيق بالمحاضر مشيرا الى أن المحاضرة تتناول قضية مهمة وهي علاقة الجنون بالإبداع والتي تمثل تحديا للوعي البشري وتثير الكثير من التساؤلات الصعبة، الأمر الذي يحتاج الى اعادة ترتيب المداخل والمراحل حتى تتضح المعالم، سواء بالنسبة لإحتمالات التشابه والاختلاف ونوعية التفاعل.

وفي تناوله مع عرض الصور، أكد الياسري أن الإبداع يعني رؤية اللامعقول في المعقول، أي النظر الى العالم برؤية جديدة ومختلفة نوعيا عن رؤية العلاقات والظواهر للعين المجردة. ويتجلى في نتاج فني يثير الانفعالات والمشاعر، بينما العبقرية تعني قدرة فريدة على رؤية العقلاني في العالم المليء بالاضطراب والفوضى.

فالقاسم المشترك بين الإبداع والعبقرية هو الخروج عن المألوف والتفكير خارج المنطق التقليدي في الوصول الى إفكار وخيالات.

وأشار الى أن الإبداع يتجلى في عمليتين هما التوصل الى الأفكار و الصور وتحويلها الى ناتج عملي نهائي ذي معاني وصور مفيدة للبشرية من فنون وعلوم.

وأكد المحاضر أنه ليس كل ذكي عبقري ومبدع، فالذكاء لا يعيق الإبداع، ولكن ليس ضمانة له. مشيرا الى رأي الباحثة نانسي اندرسن. في رؤيتها للخطوات الأربع للإبداع والتي تتلخص في :

- التهيئة والتحضير عبر تملك معلومات ومعطيات أساسية.

- الحضانة وهي حالة من الارتماء يتم عبرها إيجاد صلات و علاقات في مادة الإبداع و غالبا لا شعوريا.

- الإلهام وهي لحظة الابداع.

- الناتج وهو وضع كل هذه الصور العقلية في نتاج شعري أو رسم ونحت وغير ذلك من انواع الإبداع المختلفة ، و الذي يتم من خلاله إيصال الرسالة التي يريدها المبدع الى الجمهور.

ثم تناول د. ماجد الياسري اشكالية الثنائية القطبية بين الهوس والكآبة، فبعض الكتّاب يرى أن "بعضنا تسيطر عليه مشاعر الغبطة وأخرين الكآبة والحزن".

وأشار الى ان الباحثة نانسي أندريسن قد جلب إنتباهها الكاتب جيمس جويس والفيلسوف برتراند راسل ضمن دراسة شخصيات مبدعة والتعمق في فهم عملية التفكير في طبيعة حياتهم وأعمالهم بهدف الوصول الى ما هو مشترك لديهم.

وقد شمل البحث ثلاثين كاتبا وشاعرا مشهورا، لمعرفة المناطق المعينة من الدماغ التي تنشط ولها علاقة بالذاكرة والمشاعر، والترابط بينهما للوصول الى معاني ومفاهيم أو تصورات جديدة.

كما أشار الى أن معهد كارولينسكا السويدي قد قام أيضا بدراسات بينّت عند استخدام فحص الرنين المغناطيسي لدراسة الإبداعي ان الخلايا العصبية تعمل كمحطة وفلتر لتنظيم ما يصلنا من العالم الخارجي قبل أن تصل الى القشرة الدماغية العليا المسؤولة عن الإدراك والفهم، فلدى المبدعين هناك سبعة انواع في فلترة المعلومات وتؤدي الى تدفق تجعل من المبدع يرى العالم بصورة أخرى من دون حدود أو عوائق أو ضوابط وأن كل شيء ممكن ويرفض القيود التي يحددها الوعي الجمعي. وفي الشيزوفرينيا نرى هذا التدفق يؤدي الى ناتج غير عقلاني.

وتطرق الياسري الى آراء وحالات الكآبة عند عدد من الكتاب العالمين المشهورين، واثرها على حياتهم وابداعاتهم لاحقا.

فهكتور بيرلويز- مؤلف موسيقي يقول "من الصعب أن أصف اللحظات التي تمزق القلب من الإعماق، والشعور الطاغي بالوحدة في عالم فارغ. اما الدم فيجري باردا كالجليد في شرايني والأشمئزاز من الحياة لإستحالة الموت".

ويقول الشاعر روبرت بيرنز:

"ها أنا جالس ينتابني القلق و يشيع فيّ حالة من الملل وروح عديمة الصبر وتحوم حولي الكوابيس كسرب من طيور برية حبيسة القفص في شتاء قارس".

وعن الروائية الانكليزية فرجينيا وولف كتب زوجها : تتكلم بدون توقف لمدة يومين أو ثلاثة ولا تعير أحدا أي إنتباه. وليوم واحد تأخذ الكلمات شكلا منطقيا ولكن دائما محتوى جنونيا تعقبها حالة من النطق بكلمات متناثرة غير مترابطة".

ويذكر أن الكاتبة انتحرت بعد روايتها الأخيرة "بين الأعمال" في أذار 1941.

وفي تناوله حياة الرسام فان خوخ أشار الى حالته المرضية "الصرع" وقد فاقم الادمان منها. مشيرا الى أن أحد الأطباء عالجها "بالديجتاليس"، مما جعله يرى البقع باللون الأصفر البراق. وفاقمت هذه الرؤية عنده لتناوله مادة كحولية سامة.

ونتيجة التسمم بالرصاص بسبب أكل قشور الأصباغ، وأيضا في محاولاته الانتحار من خلال شربه الأصباغ ومادة الكيروسين السامّة، جعلته يرى الضوء على شكل دوائر كما واضح في العديد من أعماله.

ويذكر أنه مات منتحرا بإطلاق الرصاص على صدره وكان قبلها قد قطع أذنه وأرسلها الى امرأة كان يعشقها.

وعن الفنان سلفادور دالي، أكد المحاضر أنه شكل تحديا للمحللين النفسيين ومن كتب عنه، فأعماله تعبر عن احزانه وخفايا حياته النفسية والعائلية.

وبسبب انتحار جده و عمه كان يحاول جاهدا أن يثبت أنه غير مجنون. كان لديه خلل في تفهم هويته الشخصية و الجنسية وكان يشكو من التبول الليلي ونوبات الغضب من والدته وخوفه من والده طوال حياته. وغالبا ما كان يتصرف بعصبية وغضب وعنف وسلوك يثير الإستغراب. وتعد أعماله تسجيلا لسيرة حياته الشخصية وغالبا ما تكون أحلامه وهلوسته مادة أعماله.

وتناول حالات أخرى كموت المفكر الفرنسي الماركسي لوي التوسير وحيدا في مصحة عقلية، بعد أن خنق زوجته، عن عمر حافل في مجال الفلسفة.

وقد استمر جنون الكاتب والفيلسوف الألماني فردريك نيتشه لمدة أحد عشر عاما. عاش وحيدًا بعد فشلٍ علاقته العاطفية، وقبل موته وُجد يهاجم حصانًا في الشارع بلا سبب، وتوفي عام 1900 وقد ترك إرثًا فلسفيًا كبيرًا، ويعتبر أحد أهم فلاسفة العالم في القرن التاسع عشر. كما كان كل من بلزاك وروسو ورامبو وفلوبير يعانون اضطرابات في المزاج. وتفرد تشارلز ديكنز بمغادرته منزله وسط الظلام هائماً في شوارع لندن قاطعا 20 ميلا في الليلة الواحدة من دون هدف. وكان يحمل في سريره بوصله لأنه لا ينام ألا ورأسه باتجاه الشمال.

وكتب ليو تولستوي عن الكآبة وإحتقاره الحياة وتكررت لديه الأفكار الإنتحارية، التي وصفها "بأنها جذابة الى حد أنني كنت احتال على نفسي كي لا أنتحر".

وقبل الختام جرت محاورات عديدة مع المحاضر، أشترك فيها كل من الدكتور إبراهيم الحيدري، والدكتور صباح جمال الدين، والدكتورة باسمة الحكيم، والدكتورة جيهان بابان، والفنانتان ساهرة حسين، وأحلام عرب.

وفي إجاباته أوضح الياسري أن حديثه لم يشمل الأدباء العراقيين والعرب بسبب التخفي وعدم ذكر الحالات النفسية، كما لا توجد سيرة معتمدة لأحدهم. وأشار الى العلاقة الوثيقة بين التوحد والإبداع، وتناول الفرق بين إبداع المرأة والرجل وعلاقتها بالحالات النفسية، موضحا ان أكثر النساء يصبن بالكآبة، أما الرجال فيصابون أكثر بالشيزوفرينيا

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
صراع الممرات: طريق التنمية من منظور تاريخي وباب التعاون بين بغداد وانقرة
"النجباء" توعدت بالانتقام وفصائل عراقية تقصف إيلات
اللجنة الثقافية في الاتحاد الديمقراطي في كاليفورنيا تضيّف الدكتور سلام يوسف في (قراءات في ملحمة كلكامش)
نصف عام و كرسي رئيس البرلمان خالٍ.. من سيظفر بـ المطرقة ؟
بايدن يوجّه أقوى رسالة إلى إسرائيل
صحيفة إسرائيلية تصف تأخير شحنات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل بـ"الضربة" وتؤكد: القادمة أكثر إيلاماً
الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن
خلال يوم.. 7 مجازر إسرائيلية توقع أكثر من 250 ضحية في غزة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة