الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
طيور الدجيلي «الطايرة» تحلق في قاعة الجواهري
الأربعاء 16-03-2016
 
غالي العطواني

أٌقام ملتقى الخميس الإبداعي في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، الأسبوع الماضي، حفل تأبين واستذكار للشاعر الراحل زهير الدجيلي، بحضور الرفيق مفيد الجزائري، رئيس تحرير "طريق الشعب"، وحشد من الأدباء والمثقفين الذين جايلوا الراحل.

أدار الحفل الذي أقيم على قاعة الجواهري في مبنى الاتحاد، الفنان ستار الناصر، الذي دعا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت إكراما للراحل، ثم قدم نبذة عن سيرتيه الشعرية والنضالية، مبينا انه اغترف زاد الثقافة والذائقة الشعرية الثرة من مدينته الناصرية.

وأضاف الناصر ان الدجيلي عاش في المنفى، وأقام سنين في الكويت والسعودية، وعمل هناك في الصحافة والتلفزيون، وأعد الكثير من المسلسلات والبرامج التلفزيونية والاذاعية، اضافة الى ثرائه الفذ في كتابة أغنيات لها وزنها في المشهد الغنائي العراقي.

بعد ذلك قدم الناصر الرفيق مفيد الجزائري الذي ألقى كلمة عن الراحل ( ننشر نصها في مكان آخر من هذه الصفحة).

أعقبه الشاعر كاظم غيلان بكلمة ننشر( يجد القارئ نصها على هذه الصفحة ايضا)ً.

وقدم عدد من الحاضرين مداخلات في الحفل، بضمهم الكاتب والصحفي عميد كلية الاعلام بجامعة بغداد د. هاشم حسن الذي وصف الشاعر الراحل بنيرودا العراق.

وتناول الملحن محسن فرحان في مداخلته علاقته بالراحل، والأغنيات التي لحنها له. وتحدث الشاعر ناظم السماوي عن الفترة التي قضاها مع الراحل في سجن "نكرة السلمان"، ثم ألقى قصيدة بعنوان "بيدر ترافة"، مهداة إلى الراحل باسمه الحزبي: عبود البيدر. (ننشرها كذلك على هذه الصفحة). وتحدث في الجلسة أيضا الشاعر عريان السيد خلف عن سيرة الراحل السياسية، مشيدا بسفره النضالي في سبيل وطنه وشعبه، ثم ألقى قصيدة في المناسبة. وكان آخر المتحدثين د. حسين الجاف الذي قدم مداخلة عن منجز الراحل وسيرته النضالية. وقبيل الختام أدى الفنانان محمد السعد وعلي سالم شيئاً من أغنيات الراحل الدجيلي.

شاعر محشود بالغياب / كاظم غيلان

كل فجر نعيش بثائر

كل حرف يولد الشاعر

حته الاطفال ابسوالفنه زلم

.. وهكذا ولد زهير خزعل محسن بصرخة حتماً كما ولدنا جميعاً ولامست جبهته الطفلة تربة المدينة– الضفة الاولى واعني الناصرية. فكانت ام زهير وهي قوالة شعر تهزج للوطن يعرفها مناضلو المدينة قد اسهمت بهذا الوليد الذي بدأ الشعر يسري بدمه منذ مطلع شبابه. ولأن الشعر حسب الشاعر ييتس: "دم وخيال وفكر تتدفق معاً"، كان انتماؤه الاول للانسان وتطلعاته وفكره العلمي التقدمي مبكراً.. كيف لا؟ وهو المولود على ارض مدينة الشهيد فهد.. فكان على موعد مع الفجر مثلما كان لفجر الشعر موعد معه، وكان الفتح النوابي قد سبقه فتلاقفه بفطنة العارف الماهر غير المقلد الناسخ، ولفحته سموم رياح منفى "السلمان" الصحراوي مبكراً لتعتمل في دواخله اسئلة الغياب واقتراحات الحضور الجمالي:

آه.. لو شوكي جزة وتاه ويه نسمه

وآه.. لو صيف العمر ما ينطي لزمه

والهوه ادواغ الحبايب يا طيور الطايره

اعذيبي يغفه اويه الكصايب يا شمسنه الدايره.. وسلميلي

ولأن الافق الصحراوي المفتوح يعلن عجزه ازاء رؤى الموهبة الجمالية، وتهلك كل تفاصيل حدوده الصارمة القامعة،يشمخ المقموع منشداً بقوة الجمال:

السمه مصحيه وصحيت آنه كمر

وكلب الحديثه مثل شاطي ونهر

جايل زهير قامات زاهية في ساحة القصيدة العامية العراقية، الا انه ولفرط غنائيته منح لنفسه ذلك الخصب والشفافية العالية والمعرفية الفذة في تركيبة ما يكتب من شعر، فهو ليس بالناظم الرتيب الخاضع لسلطة الملحن ورغبات المغني الباهتة، لذا كان مفرداً مغايراً يوميء لجهة الغياب ويستدعي المحطات التي تلاقفته:

يا وحشة الملهوف ويدوّر هله

ويا وحشة الما يوصل الديرة هله

وبذلك الاصرار والعناد الذي هو مزيج تجربة المناضل الشاعر يصدح:

كالولي: كلك حيل والهم ما يمض بيك

وكالولي: كل الليل يلتم ما يطفيك

المتن الحياتي لشاعر مثل زهير يمنحه طاقة التجدد الذي يعينه في البوح عن كل تفاصيل وجزئيات اليوم الشعري بوصفه هماً.. يخترق بقامته الطرية "عكد الهوه" ولربما بملامسة نسمة آتية من فراته العذب تراوده الاسئلة مرة اخرى ليلتفت بحياء الشاعر الجنوبي العاشق معيناً حبسته متسائلاً:

هلج وين ينجوى؟

شاعر عاشق مثل زهير يحيله الواقع المرير ومتغيراته بسائر انكساراته وانتصاراته لضفة الوطن الذي احب، ولمجمل قضاياه العالقة في اهدابه حتماً ينشده مبصراً عن قرب.. ولربما عن بعد:

شفتك تمد ساريك

تتباهه بيه اشراع

وشفتك تضمني خبر

بسكوت....

لا ترضه حته اوداع

يا عيني يا ... وطني

لا اريد ان ارثيك زهير وانت الذي تبعث الحياة في قلب اليأس ولكن ما بيدي من حيلة لأنني:

البارحة

صوتك اسمعه ايعتب امن بعيد

اسمعه امنين؟

اصيح منين؟

ولا شيء..

لا شيء تماماً في ذروة هذا القهر النبيل سوى ان اقول وبيقين العاشق:

الحكومات لا تستحي من الشعراء

فلتستحي الملائكة لأنها اقرب إليهم.

يا لخسارتنا.. برحيل زهير الدجيلي! / مفيد الجزائري

كبيرة هي خسارتنا برحيل زهير الدجيلي، المبدع الشاعر والكاتب والاعلامي، المناضل الثابت الوفي والانسان الحي المشرق.

لعل الشعر عنوانه الاشهر. يشهد ديوانه الحافل الذي بدأ كتابته في فتوّته، وهو ينهل من اول نبع يفيض حول مهده على لسان امه التي تقول الشعر، ويتدفق من العيون الغزيرة في البيئة الشطرية والجنوبية الخصيبة التي نشأ فيها. وبقي ستة عقود ونيف من السنين ينسجه ويثري صفحاته، ولم يكف حتى وهو يصارع المرض اللئيم في السنين الاخيرة.

شاعر ولا أرق، وشعر ولا أعذب: حنّيت واترجّه .. اترجّه دليلي وعيني .. بلجن عذاب فراككم بهداي من ياذيني.

وشاعر غناء بالسليقة: قلب الحبيْبة مثل شاطي ونهر ، مرّي يَمّه يا طيور الطايرة، واذا ما مريتي يمه تضيع روحي .. والقلب جا وين اضمّه؟ .. وياهوى ايلمني والمه؟

ليس صدفة انه سُمي "ابو الاغنية العراقية". فكم شاعر وهب غناءنا مئة وثمانين اغنية؟ ومن الاحلى والاعذب.. وليس صدفة ان وضع موسيقاها خير الملحنين، وأدّاها خير المغنين.

الى جانب الابداع الشعري ترك لنا الدجيلي الكثير الكثير من النتاجات الصحفية والاذاعية والتلفزيونية، التي تخطى العديد منها زمنه وبقي محتفظا بحيويته. وهو بمجموعه يستحق المتابعة والدراسة، وفيه ما يستحق اعادة النشر ايضا.

***

كبيرة هي خسارتنا جميعا برحيل زهير الدجيلي الانسان.

الصديق الحبيب، النقي، العاشق، الكريم، الباسم المتفائل رغم المحن بالحياة والغد الآتي، الرقيق الوديع والشجاع، الاصيل في انسانيته وفي عراقيته، المحب للوطن والناس، المتشبث به وبهم ابدا.

لم تتح لي فرصة سؤال المفجوعة برحيله، ام علي، رفيقة حياته ودربه، ومسراته وعذاباته، كيف كان يبدو وهو يرحل عن عالمنا. لكن خيل لي اني اراه في تلك اللحظات الفاصلة، فأبصر في وجهه ظلال هموم تتكاثف، ثم تنحسر امام ظل ابتسامة، لتعود تنازع وتطبق على الجبين..

أبدا عمّر قلب ابي علي الاملُ بعراق آتٍ .. طليق، محلق عاليا، يعيش البحبوحة، ويغمض العينين حين يغمض مطمئنا. لكن هذا القلب لم يعدم يوما الخوف على هذا العراق الحبيب أو "الحبيبة" من الضواري التي تطوقه، وتلك التي تحفر مختبئة في ثناياه.

ابدا عمّر قلب ابي علي الايمان بالخير والجمال، وبالنور يغمر الكون والكائنات.

***

كبيرة هي خسارتنا نحن الشيوعيين برحيل زهير الدجيلي المناضل الباسل الوفي المتفاني.

رضع النضال مع الشعر من ثدي امه

ينقل عنه احد رفاقه في السجن سنة 1963 وما بعدها، في سجن بعقوبة ثم في سجن الرمادي، انه اوقف سنة 1954 في مركز شرطة الناصرية، وكان عمره سبع عشرة سنة، بتهمة الانتماء الى الحزب الشيوعي العراقي. وكان يؤرقه وهو في الموقف ان تنهال عليه امه تقريعا حين تأتي الى زيارته. لكن المفاجأة التي هزته انها حين وقع بصرها عليه في حجرة الموقف، دكت بقدميها الارض واطلقت صوتها مدويا: نذرتك للشعب يبني!

هكذا عمدته امه مناضلا، وهكذا عرفته وشاركته حبيبته ام علي، التي تعرضت للاعتقال وهي حامل بابنتهما البكر، بسبب اشتراكها في تظاهرة تطالب باطلاق السجناء السياسيين. كان ذلك في سنة 1962، وفي السجن وضعت وليدتها.

ستون سنة ويزيد، هو طول مسيرة زهير الدجيلي النضالية في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، المسيرة المفعمة بالتفاني، بالكفاح الجسور سرا وعلنا، بمعاناة حياة السجون، بالملاحقة والحرمان، بالغربة وقسوة الحياة بعيدا عن الاهل والوطن، بالحنين والشوق والامل الذي لا يذوي، بالوفاء للشعب وللوعد بسعادته، وللوطن والوعد بحريته، بالبقاء لصيقا بالشيوعيين وحزبهم.

في مثل هذه الايام قبل ثلاث سنوات، وفي غمرة تصديه لهجوم المرض الزاحف، كتب ابو علي مواويل في الذكرى الـ 79 لميلاد حزبه، كان آخرها بعنوان "الوصية". في خاتمته كتب:

كبل ما اموت ، وكبل ما تنكطع اوتار كلبي

ويسكت العود.. ويغمضولي الجفن

كبل ما اموت ، وكبل ما ينطفي نور المحبة بعيني

وبالغربة اندفن

وكبل ما تبجي القصايد فوك كبري

والقوافي تمطر دموع الحزن

كل للشيوعي انته خير الناس

ما مدّيت ايدك ع الحرام وبكت مال الوطن

كل للشيوعي انته خير الناس

والشاهد عليك الشعب والتاريخ وايام المحن

كل للشيوعي انته اوفى الناس

ما خنت الامانة وجنت ساس الفتن

الطيبات انكتبن بتاريخك وصفحاتهن ما ينمحن

كل للشيوعيين ..

الشواهد والمجالس عن نزاهتكم حجن

امبارك عليكم عيدكم

مبارك عليكم كل الاعياد اليجن ..

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
المعتقلون الفلسطينيون.. أجساد عارية وعيون معصوبة وقطع غيار بشرية
إضاءة ومساهمة في مؤتمر نسائي هام بالسليمانية
تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة
صراع الممرات: طريق التنمية من منظور تاريخي وباب التعاون بين بغداد وانقرة
"النجباء" توعدت بالانتقام وفصائل عراقية تقصف إيلات
اللجنة الثقافية في الاتحاد الديمقراطي في كاليفورنيا تضيّف الدكتور سلام يوسف في (قراءات في ملحمة كلكامش)
نصف عام و كرسي رئيس البرلمان خالٍ.. من سيظفر بـ المطرقة ؟
بايدن يوجّه أقوى رسالة إلى إسرائيل
صحيفة إسرائيلية تصف تأخير شحنات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل بـ"الضربة" وتؤكد: القادمة أكثر إيلاماً
الشرطة تفكك مخيم اعتصام موالٍ للفلسطينيين بجامعة جورج واشنطن
خلال يوم.. 7 مجازر إسرائيلية توقع أكثر من 250 ضحية في غزة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة