الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
هوية / سبع دقائق قبل الموت
الأحد 21-04-2019
 
هاشم مطر
   كانتْ العائِلَةُ التي أصبَحَ ملاذُها بيتاً في منطقةٍ شعبيةٍ في العاصمةِ طهران، قد استولى عليها رعبٌ آخرُ يُشْبِهُ ذلكَ الرعبَ الذي تركوهُ هناكَ في (بلدِهِمْ الأم). فهم ما زالوا يجرّونَ ذيولَ خيبتهم من وطنٍ إلى وطنٍ ومازالوا في نيسان؛ تطاردُهُم وحشةُ غربتهِمْ تتركهم لأيِّ مصيرٍ مجهولٍ، منذورينَ لذاكَ الشؤمِ؛ كذلكَ ما زالَ السفرُ طويلاً وموشىً بخطوطِ الحظِ كخرائطَ تشبهُ خطوطَ البرقِ وغبارِ الحربِ، وتلكَ الوديانِ، ومسالك جبالٍ عبروها حتى وصلوا أرضاً قالوا عنها أرضُ الأجدادِ وما فتئو من دونِ هوية.

سألهم فيها أولُ شرطيٍّ إيرانيٍّ قال لهم: از كجا آمديد؟ اي من أينَ أتيتم؟ قالوا من بلدِ الأمِّ إلى بلدِ الأمِّ.

يا شرطيُ لنا بلدَان لكننا مازلنا لا ننعمُ بالأوطان.

ضَحِكَ الشرطيُّ، فهم من دونِ وثائقَ تذكر، وأودعهم شاحنةً أخرى بقفلينِ، القفلُ الأول للقَدرِ الأولِ، والثاني لهذا اليومِ الوطنيِّ، سيعقدُ عقدتَهُ فلا يفتحها ماردٌ من جنِّ سليمانَ.

لكنَّ الشرطيَّ فتحَ القفلينِ، ما اسهلَ ذلك، بعد عشرِ ساعاتٍ أو أكثر بكثير فلم يعرفوا للوقتِ بساقيهِ ذهاباً، أو أيَّ حركةٍ تشي أنَّ هناك حياةً، لكنَّهُم عرفوا مذ ذاك الحينِ أنَّ العملةَ لها وجهان كما هذان القفلانِ المقفلانِ.

إما العملةُ ذاتها فقد تعرفوا على وجهيها تباعاً. كان الأولُ: هناك في بلدهم الأمُّ قبل ساعاتٍ فقط من صعودِهِم إلى شاحنةٍ ستدلقُ حمولتَها قربَ سفحِ جبل. وقتها صرخَ ضابطُ أمنٍ ينهرهم ألا يأخذوا معهم حتى شربةَ ماءٍ واردفَ: أنتم عجمٌ عليكم تسفير إلى بلدِكُم! وأردفَ ثان إلى إيران. كانَ الوجهُ الأولُ للعملةِ يشبه صدأ القفلِ الذي أحكمَهُ الشرطيُّ الآن، ذاتَ القفلِ وذاتَ الزيلِ الذي حملَ أبناءَهم للمجهولِ بوثاقٍ لا يعرفوا لماذا، سوى أنهم دونَ الخامسةِ عشرةَ من عمرٍ لم يمهلهم بعضَ الوقتِ فكانوا خلايا حيةً لتجاربَ جرثوميةٍ أو طعماً لنيرانٍ على جبهاتِ قتالٍ مجهولةٍ، وبأحسنِ حالٍ وجدوهم في حفرةٍ تفتق عقلُ الحاكمِ ليسميها مقابرَ جماعيةٍ. فما أسهلَ ذلك!!

(بيسيم)، منطقةٌ ترزحُ تحتَ وطأةِ تخلفٍ مقيتٍ لا يتشبهُ حاضرةَ الفرسِ، فهي السندسٌ والاستبرقُ والديباجُ والزبرجدُ، والياقوتُ واللؤلؤ والمرجانُ، أو على أقل تقدير هذا ما جاءَ به القرآنُ؛ تعرفوا فيها على هذا الوجهِ الصدئِ للعملةِ فأورثتهم مآلَ وحشتهِم، وفقدانَ لا يعرفون له سبباً لحدِّ اللحظة. أطلقه هذه المرة عليهم أهلُ البلادِ التي هُجّروا إليها، لكنهم هنا (عربه) فهم أعرابٌ، وهناك منطقة العربه وهذا بيت العربه، وعلى بعد أمتار من بيت العربه تجد البقالة أو المقهى، أو أي مكان يسأل عنه أي غريب في بيسيمِ هو العربه.

وبعد سنين، وعندما واجهت الأمُّ ابنَها الصغيرَ حامد وطلبت منه أن ينضو عنه لباسَ الحربِ، واجهَها برجولة لم تعهدْها فيهِ من قبلُ، لا بوقفةِ استعدادهِ ولا بنظرتهِِ ولا بنبرةِ صوتهِ قال

- هناك نحن عجم يا أمي

- وهنا نحن عربة أعراب يا ابني.

- لكننا هنا لم يهجّرنا أحدٌ، ولم يغتصب أموالَنا أحدٌ ولم يقتل أخواني أحد.

- سنعود يوما يا إبني إلى وطننِا فانت ولدتَ معافى فيه، «يمه الله يخليك لا تروح«..

سخر حامد من أمّهِ وهو يجيبُها بلغةٍ فارسيةٍ لا تخطئ، فالفردوسي دوّنَ اقسى ما فيها في شهنامته ووشّاها بنياشينِ الحربِ وصليل السيف، أما الخيامُ وسعدي وحافظ فلا ذكر لهم في زمنِ الحربِ، فأشعارهم لا تمتعُ خبلَ الجبارينِ المعتوهين.

عاودت الأمُّ رجاءَها بلغتِها الأمِّ أن يبقى إلى جانبِها فهو آخرُ من تبقى لها من البنين. كانت ترى بتلك البزةِ التي زرَّرَها بإحكامٍ على صدرهِ فأظهرتهُ رجلاً بكاملِ بأسهِ، قدراً سيأتي على باقي العمرِ. ندمتْ على سنواتٍ تركتْ فيها حامد تتلقفهُ أيدي الواعظِ. أغرقَ جدرانَ البيتِ بصورِ الجبارين، ويقيمُ ليلَهُ قياماً وقعوداً. بل كانت تفخرُ بأنه ينهجُ طريقَ الحقِّ وصوتَ الصدقِ، حتى أنها هي من أحضرَ له مطرقةً ومسماراً ليعلقَّ صورةَ زعيمِ قرار الحرب كما المعتوهُ في الضفةِ الأخرى من الشطِّ فهما منسجمانِ بذاتِ الشرطِ من الجغرافيا فلا معنى للإنسان.

كانت المتأملةُ الأولى لتلك اللوحةِ عن بعدِ ثلاثةِ أمتارٍ، حتى اصطدمَ ظهرُها ببابِ البيتِ وهي تسعى لمسافةٍ أخرى تتأملُ بهاءَ الصورةِ، وقالت إن البيتَ امتلأَ وهجاً بشعاعِ النورِ المنثورِ جمالاً. أما الآن فلا أكثرَ من شؤمٍ يدخلُهُ مع قرارِ الابنِ فسيذهبُ للحربِ.

قحّت ما في داخلِها كلَّ ما حفظتهُ من أدعيةٍ ومناقبَ ألا يذهب، ففي زمنٍ ليس بعيداً تركت ابنتَها مريمَ ترحلُ لعاصمةٍ بعيدةٍ حتى لا تعرفُ كيفَ تتهجاها الأمُّ، فكوبنهاكن عصيةٌ على النطقِ لمن لا يهوى الغربةَ. وصلتْها مريمُ بعدَ عناءٍ لتثأرَ من زوجٍ تافهٍ. وهي الآن تجلسُ على كرسيٍّ في شقتها هناك، لكنها كانت تقرأُ رسالةً وصلتْها من سهيلةَ، وسهيلة أختُها. لتخبرُها الآتي:

استدارَ حامدُ بخفةِ نمرٍ وكأنه ينحازُ إلى حقدهِ ويستجيبُ إلى صوتٍ واحدٍ، نداءٍ واحدٍ ونشيدٍ واحدٍ يصدحُ به منشدُ الثورةِ (اهكرنك) يحرضُ (المقاتلينَ)، يقبلونَ المصحفَ ويمرونَ من تحتهِ إلى الموتِ بشريطِ شهادةٍ أسودَ على جباهِهِم (يا حسين). وهو نفس المصحف الذي كان في الضفة الأخرى يقبّله الجنود على وقع رجز الشاعر ويتجهون للموت أيضا بصوت واحد فداءَ (القائد).

تسلحَ حامدُ بعدةِ قتالٍ كما اقرأنهُ في الضفةَ الأخرى وضعت لهم بعدّتِهم المدرسية وانتظمتْ على شكلِ كتبٍ واناشيدٍ وكراريسَ واحقادٍ وآياتٍ قرآنيةٍ، وتاريخٍ من الغشِّ ومن التزويرِ، وبأن الماضي الذي أزهرَ مجدَ الفرسِ ومجدَ العربِ لابدَّ أن يعودَ، ويكونَ غروبُ الشمسِ أينما كانت تغربُ هنا وهناك منذ قرون، منذُ زمنِ الأمويينَ وفارس.

تسلحَ الصبيُّ -الشابُ بحقدهِ تحتَ منبرِ واعضَهِ الذي أهداهُ الصراطَ المستقيمَ وقال له «إننا هنا يا بنيَّ باختبارِ إرادةُ الله لنا ليدخلنا فسيح جناته، ولا نعترض على حكمتهِ، لذلك أنتَ هنا في بلدِكَ الأمُّ فأنك منذورٌ للشهادةِ على طريقِ سيدِ الشهداءِ، وهذه أعظمُ هدايةٍ من اللهِ». وعندما همَّ حامدُ أن ينطقَ شيئاً ربما إعلانُ موافقتِهِ على كلامِهِ، قاطعهُ الواعظُ بنظرتهِ القاطعةِ وقال: «الشهداءُ لا يتحدثون سوى إلى اللهِ عزَّ وجل». وبذلك اتجهَ حامدُ إلى الرتلِ الطويلِ كما التحقَ في الضفة الأخرى بالحرب من كان بعمره وربما أيضاً أخواه المفقودانِ.

- إحرسْهم أيها العسكريُّ حتى يصدرَ لكَ أمرُ إعدامِهم رمياً بالرصاصِ بعدَ قليل. ثم استدركَ «سبعَ دقائقَ فقط بعدها اطلقَ الرصاصَ عليهم حتى من دونِ أمرٍ».

تساءل حامدُ بسره «لماذا لم تكن خمسَ أو عشرَ دقائق»؟ لم يكن يعلم أن الأمرَ له علاقة بعلومِ العسكرِ ليكونَ وقعُ قرارِ القتلِ أكثرَ بأساً، ولم يكن حامدُ يعلمُ أن رئيسَهُ الضابطَ قد أعطى أوامرَهُ لأحدِ مساعديهِ أن يطلقَ الرصاصَ عليهِ بعدَ مضيِّ سبعِ دقائقَ بالتمامِ فيما لو لم يطلقْ النارَ على الأسرى. كانت المعركةُ التي دخلَها بأمرِ قائدِهِ قد انتهت ولم يسمعْ فيها غيرَ أصواتِ طلقٍ بعيدٍ، لكنَّ سماءَها كانت من لونِ ثيابَه، وغبارِها من صدأ البارودِ الساخنِ، وأرضُها كانت من صديدِ الأرضِ المزروعةِ بالأجساد. كان وحدُهُ في تلكَ الأرضِ مع جثثِ وصراخِ وأنينِ المصابينَ، وبقايا أحياء في الأفقِ من الجنودِ الفارينَ في تلك البراري الخالية إلا من مَعلم بئر نفطٍ وحيدةٍ متروكةٍ وعلمٍ ذليلٍ ساكنٍ بألوانٍ شاحبةٍ في البعدِ. شجرُ نخلٍ من دونِ رؤوس، تلالٌ بعيدةٌ ومياهٌ مصفرةٌ، «لابدَّ أنها كانتْ أرضاً رائعةً قبلَ الحربِ»، همسَ، كان ذلكَ في الدقيقةِ الأولى.

وفي الثانيةِ امتدَّ نظرُ حامدٍ نحو البئرِ، جنودٌ يغيّرونَ العلمَ مع زعيقِ النصرِ كلما ارتفعَ بوصةً واحدةً، هتافاتٌ لا تختلفُ عن هتافاتِ (العدوِّ) إلا بلكنتِها «اللهُ أكبر»، يختفي بين طبقاتِها أنينُ المصابينَ في كلِّ الأنحاء.

كانت أجسادُ الموتى المنتشرةَ تدعسُها الآلياتُ التي تقدمت نحو النهرِ ونحو البئرِ، فلا تفرّقُ بينَ بزةِ عدوٍ وصديقٍ، مزهوةً بأعلامِ النصرِ. تموضعت هناك على الأرض التي قال عنها الواعظ «حدودُنا المقدسة » مثلما توأمه المجنون على الضفة الأخرى. كان ذلك في الدقيقة الثالثة.

إذن كلُّ ذلكَ من أجلِ هذا» همسَ حامدُ لنفسه.

أصواتُ شفلات أخرى في البعد تقتربُ، وناقلات متبوعة بحاوياتٍ إضافيةٍ كبيرة.

«لأي سببٍ هي هنا.. ماذا تجرفُ»؟! تساءلَ.

لم يتضحْ لهُ الأمرُ إلا بعدَ قليلٍ، غبارٌ يتعالى من بينِ العجلاتِ، وأسنانِ شفلاتٍ غازيةٍ لرمالٍ سود. كانت تعبِئ أجسادَ القتلى والمصابينَ في جوفِها، تغرسُ أسنانَها في بطونٍ ورؤوٍس وأفخاذٍ وظهور.

هكذا لاحَ لهُ المشهدُ عندما كانَ يقيءُ في الدقيقةِ الرابعة.

أُخليَت الساحةُ وعادت الناقلاتُ بحاوياتِها مملوءةً بأجسادِِ الأعداءِ الذاهبينَ إلى الجحيمِ من طرف الحرب الأول، وأولئكَ الموعودينَ بلقاءِ «حورِ العين وأنهارِ الخمر»، من الطوف الآخر، كما قالَ له الواعظُ.

في الدقيقة الخامسةِ حولَ بندقيتهِ الرشاشِ عن بؤرةِ عينهِ، انزلَها وجعلَ يتلمسُ فوهتها، بينما تقدمت بعضُ الآليات بصفين، ومكبراتُ صوتً تنشدُ بصوتِ منشدِ الثورةِ مرةً أخرى.

«الصوتُ المحرضُ نفسُهُ» همس لنفسِهِ « شديدُ التهدجِ وكثيرُ الأسى على سيدِ الشهداء»! تلمسَ عصبةَ رأسه ِالمنقوش عليها اسمَه «حاشاك» همس لنفسه، تقابلهُ في الجهةِ الأخرى أناشيدُ وأشعارُ تزّفُ النصرَ لمجنونٍ آخر.

في الدقيقةِ قبل الأخيرةِ، غبارٌ يتصاعدُ ثانيةً، ينجلي عن موكبٍ مهيبٍ براياتٍ خضرٍ وهتافاتٍ تنفلتُ من بين صفي الآلياتِ كما سهم نحو ضفةِ النهرِ شحيحِ الماء. تترجل عمائمُ وقادةُ حرب بإشاراتٍ وأوسمةٍ تُخفي اللونَ البنيَّ لبدلاتهم. صوتُ تصفيقٍ وهتافاتٍ تعلو وتشتدُّ، فالأرضُ عادت فارسيةً والنهرُ والبئرُ كذلك. أما هو، حامدُ المنبوذُ من طرفي الحربِ فهو مازال بلا هوية.

«هكذا إذن أنا هنا لأقتلَهم» ردد مع نفسِهِ. أرعبته فكرةُ القتلِ، فما زالَ سلاحُهُ بكرا لم يطلقْ منه إلى الآن رصاصةٌ، تراءى لهُ رقصَ أجسادِهم تتمايل بعطافها قبلَ أن تهوي مع صرخةٍ يتيمةٍ نحو الأرضِ. كانت دماؤهم تنزفُ قبلَ أن يتذكرَ الحاحَ قائدِهِ «تأكدْ من موتِهم قبلَ أن تغادرَ أيها العسكري». كانت الأرضُ تدورُ بهِ وهو يدورُ على رؤوسَهم يطلقُ رصاصةً من مسدسهِ لكلِّ رأسٍ منهم حتى إن لم يصدرْ منه أنين. هكذا أتتهُ التعليماتُ.

- بأيَّ شيءً يفكرونَ هؤلاءِ الأسرى؟. همسَ

كانت وجوهُهُم الصدئةُ يرهقُها الانتظارُ، جامدةً وكأنهم ماتوا قبلَ حين. ينتظرونَ بفارغِ الصبرِ طلقاتِه الرحيمةِ ليسدلوا على آخرِ فصلٍ من مرارتِهم مع الحربِ بعدد سنواتِها وأيامِها ودقائقِها، بل بعددِ رصاصِها الذي تطايرَ فوقَ رؤوسِهم وعددِ ذراتِ غبارِها، حتى هذه اللحظةِ أمامَ فوهةِ بندقيةِ حامد (مواطنهم) وجهاً لوجه.

حدَّثَ نفسَهَ «كيفَ سيعلمونَ أنني مثلهُم بفرقٍ واحدٍ، هو أنني اخترتُ مصيري بنفسي»..، «لا!! لم أكنْ أنا من تمنيتُ، إنه شخصٌ يشبهني تبع الواعظ».. «آهٍ لو كنتَ هنا لأفرغتُ برأسِك كلَّ الطلقات».

لم يعلم حامد أن انتظارَ الموتِ أشدُّ فتكاً من الموتِ نفسِهِ، حتى سَمِعَ احدَ أسراه يقول: «ماذا تنتظر أطلقْ الرصاصَ ايها الجنديُّ »، ترجمها على الفور أسير آخر إلى الفارسية (منتظر چه هستيد.. شليك كنيد أى سرباز). كانت الأرضُ تميدُ به كما تميدُ بهم، سحبَ أقسامَ بندقيتهِ الرشاش. لاحظَ تلك الابتسامةِ المشوبةِ بآخرِ أمنيةٍ على وجوهِ تتوسلُهُ «أطلقْ الآن لا تتأخر». دير نكيد شليك كنيد

جعلَ حامدُ يتأملُ وجوهَ الأسرى الشاحبةَ. صورةَ أخويهِ المفقودين.

صاحَ بأعلى صوتٍ باسمِ أخيهِ الذي يكبره ببضعةِ أعوامٍ : قااااسم! فتقدم شابٌ غرٌّ. على ما يبدو كان أكثرَهم بحاجة إلى طلقةِ رحمةٍ لا تترُكُهُ جريحاً ينزف.

صاح باسم أخيهِ الأكبر: حسن فتقدم شاب اكبرُ عمراً.

دمعت عيناه، حسبه اسراهُ من فعلِ البارودِ الحارقِ.

فكَّ وثاقيهما وأمرهما أن يفكّا الآخرين وثاقَهم. رفع رشاشه بوجوهِهِم، وما إن أطلقَ الرصاصَ فوق رؤوسَهم وصرخَ «اهربواااا»، حتى كان رصاصُ سمتياتِ (العدو) فوق رؤوسِهم لا تفرقُ بينَ صديقٍ وعدوٍ بين حيٍّ وميتٍ، وسيلٌ من الرصاصِ (الصديقِ) من الخلفِ يحصدُهم. أصابتْهُ أولى الطلقاتِ فسقطَ، سقطت جثتانِ فوقَه.ُ لم تكنْ إصابتهُ في الكتفِ مميتةً، لكنهُ عرفَ أن أخويه ماتا في تلكَ الحربِ منذُ زمنٍ بعيدٍ وأنه لن يراهما إلى الأبدِ، وما زالَ من دونِ هوية.

الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 01:15

 
   
 



اقـــرأ ايضـــاً
يعملون في عيدهم.. 1 أيار "يوم بلا فرحة" لعمال العراق
التغير المناخي "يُهجّر" 100 ألف عراقي من مناطقهم
مداهمات واعتقالات في جامعة كولومبيا.. والسبب غزة!
كيف أصبح الأول من مايو عيداً لعمال العالم؟
بعد سنوات من التعثر، هل ينجح العراق في إنجاز طريق التنمية؟
ردود فعل حادة بعد إقرار "قانون المثلية الجنسية" في العراق
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
ندوة اللجنة الثقافية في الإتحاد الديمقراطي العراقي في كاليفورنيا
البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم "المثلية الجنسية"
في عيد امنا الأرض، أطفالنا في خطر
مقتل نجمة التيك توك العراقية "أم فهد" بالرصاص في بغداد
انتفاض الطلاب الجامعيين ينتقل من جامعات أميركا إلى باريس، رفضاً للسياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين وقطاع غزة
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة