لكن بي جنفا عن وعي فلسفة ٍتقضي بأن البرايا صُنّفتْ رتبا وان من حكمة ٍ أن يجتني الرطبا فرد ٌ بجهد الوف تعلك الكربا
يقول جلال الخياط " تغيرت كآبات كثيرين بعد قراءة قصيدة ما اوسماع بيت ما وتبدل مزاج كثيرين من الوجوم والعزلة والانطواء الى الانفتاح والانطلاق بتأثيرقراءات شعرية معينة او سماع ضروب من الموسيقى . هذا الذي اسميه طب القرن الواحد والعشرين جدير باهتمامنا كله . وقبل مئات السنين قال قيس بن الملوح : " وما أنشد الاشعار الا تداويا " – " . ودعما لما أشار له الأديب الخياط فان أعلاء ً للذات الانسانية وترقية لخلقها قد تم على يد الشاعر الملهم والمنيف محمد صالح بحر العلوم القائل :
سمّوك زانية ً وفي اعرافهم عِلَلٌ تحتم أن تكوني زانية ْلو عولجَتْ ماكنت زانية ولا قصّرت ِ عن مُثل الحياة الزاكية ْتجني الظروف وأنت تجنين الأذى منها فجانية تعذب جانية ْماجرم عارية تعيش بعارها كجريمة استغلال جسم العارية ْ!
لايمكن ان تنسى هذه الكلمات او تمحى من ذاكرة شبيبة في مقتبل العمر قد اطلعوا على ديوان هذا الشاعر العظيم وقصيدته الشماء " أين حقي " وسواها ... ان الكلمات هنا نثرا وشعرا ، علاج ناجع بل انها لقاح مضاد لكل امراض السقوط الاجتماعي والغباء السياسي يمتد تأثيره مدى الحياة ... لقد غدت مقالة يوسف عبد المسيح ثروة وسواها وقصائد مظفر النواب حبا وتغزلا بالوطن والانسان ومجانفة الجواهري لفلسفة التناقض الطبقي ودعوة بحر العلوم بمثابة تعويذة ضد الذل والاهانة والاحتقار الذي سببته السلطات الخائنة لشعبها والديكتاتوريات المستهترة بالانسان والفكر. لقد كان هؤلاء الأفذاذ وعشرات بل مئات سواهم ممن انجبهم العراق الخصيب بمثابة اساتذة لأكاديمية الحياة .. انهم نطاسيون قد وصفوا انجع الدواء لمرحلة معينة من التاريخ ، والتداوي قد ورد في الشعر " وما أنظم الأشعار الاّ تداويا " . هذا هو كتاب الجنون في الشعر بمعنى آخر الهيام بحب الحياة واستلهام قيم المحبة فيها والحلم بعقلنتها كي تجود بالحرية والسعادة . طوبى للأديب الراحل جلال الخياط على هذا الكتاب الجميل الذي لم نتطرق لسوى مقدمته الأثيرة والذي يحتوي جماليات بل اضمامات شعر راقية وعبر مئات السنين . وشكرا والف شكر للدكتور عبد الواحد لؤلؤة الذي قدم للكتاب وجهّزه للنشر وقام باظهاره الى الحياة وفاءا ً لصداقة رائعة وعميقة وشغفا بحياة نبيلة وفاتنة .