الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
في ديترويت رحلة مع عالم الكاتب والصحفي المبدع يوسف ابو الفوز
الأربعاء 31-12-1969
 
الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الامريكية

كمال يلدو

  لأيام معدودة حل الكاتب  يوسف ابو الفوز ضيفا عزيزا على زملاء واعضاء الاتحاد الديمقراطي العراقي في مدينة ديترويت ، التي التقته بحفاوة من مثقفيها وضيوفها مساء الجمعة 27/آب/ 2010  في امســـية قدم فيها الشاعر اسماعيل محمد اسماعيل نبذة عن الكاتب والمناضل " يوسف ابو الفوز" ومن ثم دعاه للحديث عن تجربته الأدبية  والصحفية وعن هموم الثقافة العراقية الآن  .

ابتداء الضيف العزيز كلامه بتوجيه الشكر لزملاء الاتحاد والحضور الكريم على الحفاوة والمحبة التي قوبل فيها والتي اشعرته انه بين اهله واصدقائه، واشاد بنشاطات الاتحاد الديمقراطي ، واستذكر موقف الاتحاد في التضامن مع السجناء العراقيين في استونيا عام 1993 ، حيث كان الكاتب واحدا منهم ، ثم عرج للحديث عن اهم المراحل في حياته ابتداءا بالبيت الذي نشأ فيه ، في مدينة السماوة ، اذ سمع وتعلم الف باء الوطن والوطنية ، وعرف عن السجون والملاحقات وهو لمـّا يزل يافعا ، وعن وفرة الكتب والحوارات الجادة في البيت وموقف والده وأخوته الاكبر سنا مرورا بموقف والدته التضامني مع الابن الشقي "يوسف"، ثم مـر على المدرسة المتوسطة وكيف ان مدرس اللغة العربية  الاستاذ "عبدالامير عبد الوهاب" كان له الفضل في اكتشاف موهبة  الطالب " يوسف" ، ذي الثلاثة عشر عاما، في كتابة القصة القصيرة في درس الانشـــاء وما ترتب عليها من التزامات لاحقة في كتابة المقالات والقصص والنشرات المدرسية ، واشاد بالمدرسين والاصدقاء من مثقفي المدينة الذين قدموا له التوجيهات وارشدوه بشكل مبكر لدراسة التراث وكلاسيكيات الادب العربي والعالمي  . في منتصف السبعينات ، من القرن المنصرم ، وفي جامعة البصرة /كلية الادارة والاقتصاد ، بدأت تجربة  "يوسف " تتركز في الكتابة ، والصحافة والعمل السياسي وصولا حتى بدء  النظام بحملة التنكيل بالشيوعيين والوطنيين اوائل عام 1978 مما اضطره لترك الكلية والاختفاء لفترة سنة ونصف  بين عدة محافظات عراقية ، حتى انتهى الامر به الى السفر الى الكويت عبر الصحراء السعودية مشيا على الاقدام ، وممارسة العمل الصحفي هناك لفترة في الصحافة الكويتية والكتابة باسماء مستعارة ، ومن ثم الانتقال الى اليمن الديمقراطي والعمل في سلك التدريس لمادة التأريخ ، وبعدها الالتحاق بحركة الانصار في كردستان العراق لفترة ثمان ســنوات ، حيث هناك تجذرت اكثر اهتماماته بكتابة القصة ، ومنحته تجربة الانصار بصعوباتها وغنى مفرداتها ، ابعادا جديدة في الكتابة ، ومن ثم بدأت مرحلة البحث عن ملجأ آمن عبر المرور بروسيا ، ثم السجن لمدة عام في استونيا ، حيث اختاره السجناء من العراق ليكون ممثلا لهم ، ليساهم في تنظيم حياتهم والعمل لاطلاق سراحهم ، حتى اســتقر فيه المقام مطلع 1995 في " فنلندا" التي قبلته  ضمن مجموعة من اللاجئين الذين كانوا ضحايا مافيات تهريب اللاجئين .

لم تثنه كل هذه المحطات الصعبة من الكتابة عن تجربته وتدوين ملاحظاته ، ولا عن تحريره لعشرات المقالات الصحفية ، والتي اسست لأســـمه المستعار " يوسف ابو الفوز" الذي كان له حكاية طريفة ، انتهت بتبنيه لهذه الكنية التي صارت له اسما حملته اصداراته وكتاباته ونشاطاته .

في بداية مشواره الاعلامي والثقافي ، اشار الى انه كان مشتتا شيئا ما ، أذ كتب الشعر والقصة وكتب للمسرح والمقالات السياسية ، وعمل مراسلا لصحيفة " طريق الشعب" ، لكنه في خضم ذلك اهتدى الى الاستقرار في كتابة القصة وقرر دراسة والبحث في هذا اللون من الكتابة ، ليكون مبدعا فيه لاحقا .

ويقول "ابو الفوز" ان هذا المحطات المتنوعة والمتقلبة قد وفرت له ايضا فرصة التعرف على ثقافات متنوعة ويخص منها ثقافة الشعب الكردي ، والروســي والشعب الفنلندي ، وهو لهذا قرأ آدابهم وثقافاتهم بلغات تلك البلدان الاصلية ، وعن منفاه الاخير "فنلندا" ،فقد وفـّر له حالة من الاستقرار النسبي ، ومجال واسع من الحرية  بعيدا عن الاملاءات .

اما فيما يخص هموم الثقافة العراقية، فابي الفوز يشير الى أنها محكومة بتطورات الوضع السياسي في العراق ، وان حالة البؤس الذي وصلت اليه ابتدات منذ ايام النظام الديكتاتوري البائد حينما انقض على الثقافة والمثقفين ، ثم جاء الاحتلال وما تسبب عنه ، ثم أكملت حكومات المحاصصة الاجهاض عليها ، بعدم توفير المؤسسات والاطر الصحيحة التي تستوعبهم ، ناهيك عن نظرة الريبة والشك الى هذه الجمهرة من المثقفين ، اذ ان هدف الحاكم ، والكثير من السياسين هو تحويل المثقف الى بوق دعاية تابع لهم . اما المصيبة الاكبر فتتمثل بهجرة آلاف المثقفين وانحسار عطائهم ناهيك عن عملهم بشكل غير جماعي مما يؤثر سلبا على حجم تأثيرهم على مجمل الاحداث . وأشار الضيف "يوسف" الى ظاهرتين خطرتين ، الاولى كانت في قيام العديد من رموز النظام البائد بخلع  "الزيتوني" وارتداء عباءة الدين والديمقراطية ، والثانية كانت في عدم جرأة الكثير ممن اجبرهم النظام على تلطيخ ســـمعتهم ، من الاعتذار للشعب عما قاموا به من اساءات للثقافة العراقية ، واليوم صار بعضهم في واجهة العمل والنشاط الثقافي  !

وقبل ان يفتح باب النقاش والاسئلة مع الجمهور ، ختم الكاتب "ابو الفوز" مداخلته بالقول : اننا بحاجة الى رفع شـــعار " دور المثقف في اعادة اعمار العراق" ، فالطرق والبنايات والمعامل ، تستطيع كبريات الشركات اعادة بنائها ، لكن مهمتنا الاهم والاصعب ، هي اعادة بناء الانسان العراقي المحطم من سنوات الديكتاتورية والاحتلال والعنف الطائفي ، واعادة الثقة له .

تلــى ذلك توجيه الحضور لبعض الاســـئلة والتي تنوعت كما يلي :

1) كيف يمكن للمثقف ان يكون له دور ، وكيف يمكن ان نواجه الثقافة السائدة؟

2) تجربتك في الغربة ، هل اثر الادب العالمي على ادبك ،وهل تعتقد ان العراقيين الذين يعيشون الماضي السحيق هو مشروع تدميري للحاضر والمستقبل؟

3) كيف تنظر لما يحصل في عراق اليوم ، مقارنة بما كان يحصل في حكم صدام حسين ؟

4) كيف نعالج النهوض الثقافي التنويري في ظل تراجع شعبية الفكر الديمقراطي  وسيادة الفكر الديني المتشدد؟

5) في مجمل حديثك عن الثقافة والمثقفين ، فقد تناولت الجانب الموضوعي ، لكنك لم تتطرق الى الجانب الذاتي ، وأعني به وضع المثقفين في الخارج ، التنافر والقطيعة بينهم ، عملهم الفردي ، رغم ان الخارج وفر لهم فرصة العمل بلا قيود ؟

6) لو توفرت لك الفرصة ، ماذا تقول للمسؤلين العراقيين بشأن الثقافة ؟

7) كيف تقيـّم ثقافة المثقف العراقي الآن ، وكيف تنظر لعلاقته بالسلطة ؟

8) كيف يوازن المثقف بين التزامه السياسي وأبداعه الثقافي ، وهل انصفت الاحزاب منتسبيها من المثقفين والمبدعين ؟

9) مـاذا تجســـد المرأة في كتاباتك ؟

10) هل تجد في ظاهرة كثرة  النشر بصفحات الانترنيت ، شئ سلبي ام ايجابي؟

 وفي معرض رد الكاتب " يوسف ابو الفوز" على اسئلة ومداخلات الحضور ، شــكرهم واثنى عليهم اهتمامهم بالشأن العراقي والذي بدى واضحا من نوعية الأسئلة  ثم قال : ان الموت من اجل الوطن عظيم ، والأعظم منه ان نحيا ونعيش من اجل الوطن  !

بهذه الكلمات بداء اجوبته، مشيرا الى ان حجم الصعوبات والدمار الذي لحق بالعراق هائل ، لكن الامور لايمكن ان تبقى كما هي، والوضع السياسي لا يمكن ان يبقى كما هو عليه الآن . ان عمل  المثقفين العراقيين اليوم هو كمن "ينقش في الحجر" لكنه مهم ، وهم انما يعملون اليوم ليؤسـسوا لوطن المستقبل ، للأجيال التي حرمت من الحياة الهانئة والعيش بكرامة .

ان المثقف الذي يعيش في العراق او خارجه يواجه كما المواطن التزامات كثيرة ، اقلها توفير "لقمة العيش الكريم " في ظل اوضاع لم توفر ولا ضمنت له الدولة اية وسائل او مؤسسات تحفظ فيه كرامته.

هناك ظواهر ايجابية لابد من التوقف امامها ، اولها ان النظام الدكتاتوري قد ولـى ، وانطلق هذا الشعب ولا بد ان يصل لمبتغاه ، رغم ان الامل كان يحدونا بأن نصل مبكرين ، لكن الصعوبات كثيرة .اما قضية كثرة الكتاب في الصحافة والانترنيت ، فهذه الظاهرة ستأخذ مداها مع الوقت ، والذي سيبقى هو الجيد والنافع ، لكن على الاقل هناك مساهمات ومحاولات  وطاقات واعدة للمستقبل . اما عن المرأة فاشار الى أنه ينتصر لقضاياها من خلال شخوصها في اعمالي ، واحاول ان اعوض لها الحيف والظلم الذي لحق ويلحق بها فيرسم لها شخصيات تقاوم الظلم وتمتاز بقوة الشخصية . وفيما يخص مستوى ثقافة المثقف العراقي، فهي تتنوع بحسب انتمائه او اهدافه او مصالحه ، والحقيقة في ظل هذه الاوضاع فقد برز العديد من الصحفين وما يسمى بأنصاف المثقفين في حالة تستحق السخرية منها بتعبير " مثقف نص ردن" لأنهم ينتجون ثقافة بائسة وتعبر عن بؤس وافكار اصحابها . وعن التزام المثقف بمواقف سياسية محددة ، او تأثير الاحزاب عليهم ،اشار الضيف " يوسف" الى نقطتين مهمتين الأولى : ان عنصر الموازنة بين الابداع الثقافي والعمل الحزبي مرهون بشخصية المثقف  اما القضية الثانية والأهم ، هي اخفاق معظم الاحزاب السياسية في ايجاد افضل الآليات في التعامل مع المثقفين مما ادى الى خسارتهم او خسارة العلاقة بهم وتحولهم احيانا الى خصوم ، وهذه بحاجة الى اعادة دراسة وتقييم لمعرفة عوامل الفشل والبدائل .

في ختام الحديث شــكر السيد اسماعيل محمد اسماعيل الضيف العزيز الكاتب يوسف ابو الفوز ، وأثني على الجمهور لحرصه  في انجاح هذه اللقاءات الثقافية ، والاحتفال بالمبدعين العراقين ان كانوا ادباء او مثقفين او تشكليين او فننانين ، فهم اســـاس الحفاظ على الهوية العراقية ، وهم من يرســـم الغد الذي ننشده ، باسما ومشرقا  .

** للكاتب يوسف ابو الفوز العديد من الانجازات والاصدارات الابداعية :

1 .عراقيون ـ مجموعة قصصية (عن تجربة وحياة الانصارالشيوعيين والكفاح المسلح في كوردستان العراق) إصدار رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين الديمقراطيين ـ الأنصار/1985 في كوردستان العراق .

2. في انتظار يوم أخر ـ سيناريو تسجيلي ( عن معاناة اللاجئين العراقيين في روسيا خلال بحثهم عن سقف آمن) السويد عام 1993 .

3. انشودة الوطن والمنفى ـ قصص ( مشترك مع مجموعة من الكتاب العراقيين) عام 1997 توزيع دار الكنوز الادبية ـ بيروت

4. طائر الدهشة ـ قصص ( عن المنفى واللجوء العراقي) دمشق ـ دار المدى 1999.

5. الطائر السحري ـ ( مجموعة "طائر الدهشة" باللغة الفنلندية ترجمة الدكتور ماركو يونتونين ) هلسنكي عن دار LIKE عام 2000 .

6. تضاريس الأيام في دفاتر نصير ـ مذكرات ونصوص (عن تجربة وحياة الانصار الشيوعيين والكفاح المسلح في كوردستان العراق) دمشق ـ دار المدى 2002

7. شقائق النعمان . خواطر وشهادات (مشترك مع كتاب عراقيين عن شهداء الحزب الشيوعي العراقي في الذكرى السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي) منشورات طريق الشعب ـ بغداد 2003

8. لدي اسئلة كثيرة او اطفال الانفال. ( شهادة نصير مقاتل عن احداث الانفال من زاوية ما تعرض له الاطفال الاكراد ) السليمانية ـ وزارة الثقافة الكوردية 2004 .

9. تلك القرى ... تلك البنادق ـ قصص (عن تجربة وحياة الانصارالشيوعيين والكفاح المسلح في كوردستان العراق ) اربيل ـ وزارة الثقافة في كوردستان العراق 2007 .

10 . تحت سماء القطب . رواية (عن حياة العراقيين في اوربا وموضوع حوار الحضارات ) أربيل ـ مؤسسة موكرياني 2010.

ـ تم ترشيح هذه الرواية من قبل ناشرها ، مؤسسة موكرياني ، لجائزة البوكر للرواية العربية للعام 2011 .

11. رحلة السندباد ـ فلم تلفزيوني وثائقي. سيناريو واخراج . 30 دقيقة. (عن المنفى واللجوء العراقي) انتاج التلفزيون الفنلندي عام 2000.

12. عند بقايا الذاكرة. فلم تلفزيوني وثائقي . سيناريو واخراج . 30 دقيقة (انطباعات الكاتب عند زيارته العراق اثر سقوط نظام الديكتاتور صدام حسين ، من بعد غياب 27 عاما ) انتاج التلفزيون الفنلندي 2006 .

ـ أختير هذا الفيلم لتمثيل فنلندا عام 2007 في مهرجان تربوي في مدينة بازل في سويسرا .

13. للكاتب كتب ادبية مخطوطة تنتظر فرصة الطبع ، ومشاريع أدبية قيد الانجاز.

 
   
 


اقـــرأ ايضـــاً
ردود فعل حادة بعد إقرار "قانون المثلية الجنسية" في العراق
تهنئة من الاتحاد الديمقراطي العراقي
ندوة اللجنة الثقافية في الإتحاد الديمقراطي العراقي في كاليفورنيا
البرلمان العراقي يمرر قانونا يجرم "المثلية الجنسية"
في عيد امنا الأرض، أطفالنا في خطر
مقتل نجمة التيك توك العراقية "أم فهد" بالرصاص في بغداد
انتفاض الطلاب الجامعيين ينتقل من جامعات أميركا إلى باريس، رفضاً للسياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين وقطاع غزة
اتفاقية إدارة الموارد المائية مع تركيا تثير غضب خبراء المياه في العراق
تصاعد التوتر في جامعات أميركية وسط تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين
مراسم "طواف كرجال" عند الإيزيديين في دهوك
ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
اتفاق بين العراق وتركيا.. تخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة